المشهد اليمني
السبت 27 يوليو 2024 04:21 صـ 21 محرّم 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
”صوت الجماهير يُسمع: صافرات استهجان تلاحق إسرائيل في حفل افتتاح الأولمبياد” صراع قبلي يكاد يمزق نسيج المجتمع في قعطبة.. ثم يأتي الصلح ليلئم الجراح ”أنتم الآن أقرب إلى حرب عالمية ثالثة”.. ”ترامب” يحذر ”نتنياهو” مما سيحدث في الشرق الأوسط إذا خسر في انتخابات الرئاسة الأمريكية ”صوروا كلامي هذا وارسلوه للحوثي، لسنا خائفين منك”... قبيلة أرحب تتحدى الحوثيين (فيديو) ”مقترح غير متوقع: عفو مقابل بناء مستشفى لروح الطفلة حنين البكري” ”ميليشيا الحوثي تثير الفتنة: لافتة طائفية تهدد النسيج الاجتماعي في اليمن” تطور خطير.. الكشف عن رحلة سرية لإحدى طائرات اليمنية من مطار صنعاء إلى العاصمة ”اللبنانية” بيروت ”أين التراث اليمني؟ صحفي رياضي يفجر قضية الزي في حفل افتتاح أولمبياد باريس” ”اختطاف الجندي المدافع عن عدن: رحلة البحث المؤلمة في سجون عدن السرية” سوق السلاح في عدن.. ظاهرة مستمرة تتحدى القرارات وتثير المخاوف قوات الانتقالي الجنوبي تصدر تصريح هام وتتحدث بشأن قضية علي عشال شخصية جنوبية شهيرة تصل صنعاء...وقيادات حوثية ترحب

عائد إلى فلسطين

ها نحن فى رفح، ومن كان يقول قبل أشهر قليلة إن حرب الإبادة الجماعية التى تتعرض لها غزة لن تصل رفح، فقد خسر الرهان. فمعركة رفح قائمة وعلى أبشع ما يكون عليه الهجوم العنصري. ولكن مثل كل مرة تجد لعبة المصطلحات فرصتها لتمرير الواقع المر، فلا يقال اجتياح إسرائيلى بل تقدم للدبابات ولا يقال معركة بل اشتباك، وليس تهجيرا واستئصالا بل نزوح!.ولكن الأخطر فى معركة فلسطين مع لعبة المصطلحات والذاكرة، هو المحاولات القائمة نحو تغييب فلسطين كقضية محورية وك(كلمة) تعنى وطن.

ونجد معظم المنابر الإعلامية المؤثرة عربيا وعالميا، تتحاشى ذكر فلسطين والقضية الفلسطينية، وتعمد إلى تجزئة القضية بوعي، فهى معركة محدودة فى مخيم هنا أو اشتباك على حدود هناك، أو مجرد نقص فى الحقوق المدنية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية. ومؤخراً يجرى تكريس القضية على أساس أنها معركة غزة، ولا تذكر غزة كجزء من الوطن الفلسطيني، بل هى هنا تُقدم بإلحاح كقطاع منفصل جغرافياً ووجدانياً، وأنها حكومة منفصلة، بل ومقاومة منفصلة، حتى وجدنا من يقدم غزة كشعب منفصل. فصار لدينا شعب غزة والغزاويون، ويجرى الابتعاد عن ذكر فلسطين، ويتجنب الإعلام مصطلح المقاومة الفلسطينية، وتم إهمال مفردة منظمة التحرير الفلسطينية بشكل متعمد، تحت مبرر وجود انقسام فلسطيني/ فلسطيني.

نعم هذا الانقسام موجع، ووجه ضربة مؤلمة للقضية الفلسطينية، ولصف النضال العربى عامة، وليس الفلسطينى وحده فقط. ولكن لا ننسى أن أول خطوة لرأب الصدع، هى الحفاظ على هذا الكيان كونه منجزا لكل الشعب الفلسطيني، وليس إنجازاً لفصيل لوحده، وكونه المؤسسة الشرعية التى عليها أن تقود الثورة نحو الدولة.

ومع الصمت حول حصار القضية الفلسطينية، والابتعاد المدروس عن ذكر فلسطين كوطن، وحصره فى نضال محدود ونزاع جهوى محدود وجدنا هذا الإمعان بتجنب الإعلام ذكر (فلسطين)، بحجة تسليط الضوء على غزة وهى الجرح الكبير والمفتوح فى كل قلب حتما، ولكن لننتبه بأنه صار لدينا الآن قضية غزة لا قضية فلسطين، وبالتالى أى انتصار أو حل لن يتجاوز القطاع الجريح من الوطن السليب. والأهم بعد أشهر من الدمار وحرب الإبادة ها نحن نُسحب جميعا إلى مربع أصغر وهو معارك شمال غزة، ثم جنوب غزة، والآن كل الضغط على معركة رفح، وهل ستتم معركة رفح بوتيرة الوحشية الصهيونية المعتادة، أم سيقف العالم لوقفها؟

والجواب واضح، وهو لن تتوقف آلة الحرب الإسرائيلية فى رفح، وستزيد فى وحشيتها، ولن يجرؤ الإعلام والقادة على ذكر غزة، كما عمدوا إلى نسيان فلسطين كمفردة وكوطن!. ليصبح سقف مطالبنا هو رفح لا غير.

هذا سيناريو مؤلم، أشبه بكابوس جثم على قلب هذه الأمة، وليس على الشعب الفلسطينى وحده. ولن تتوقف معركة رفح وينتهى حصار غزة وتتوقف حروب الدمار فى الضفة إلا بعودة الأمور إلى نصابها. وأول ذلك الحديث عن وحدة القضية الفلسطينية، وأن المعركة هى معركة استرداد وطن اسمه فلسطين، وليست معركة حقوق مدنية وحرية عبادات لمجاميع وجدت على أرض لا اسم لها، ولا المعركة هى قليل من الطحين والزيت لسد الرمق فى المخيمات، بل العمل على إنهاء المخيمات وبناء الوطن السليب. مدركين أن سيناريو بنيامين نيتانياهو هو سيناريو معظم الكيان الصهيوني، وليس فقط جناح اليمين المتطرف، والذى يقود إلى ما هو أكثر من تصفية القضية الفلسطينية، نحو صنع شرق مظلم، وجغرافية أخرى بالمنطقة. وذلك اندفاع مجنون لن ينجح حتما، بل وسيصطدم بحلفائه قبل أعدائه. وما يوقف هذا الجنون قبل كل شيء، هو صمود الشعب الفلسطينى أولا وأخيراً.

ثم هذه اليقظة فى شعوب العالم التى صارت تتبلور أكثر نحو المسار الصحيح لاستعادة ألق القضية، وما إعلان اعترافات الدول الأوروبية مؤخراً بالدولة الفلسطينية إلا مؤشر على هذه اليقظة وتصحيح المسار، حيث الرد ليس فقط بالمطالبة بوقف معركة رفح، ولكن كان الاعتراف بفلسطين، وهذا آخر ما كان ينتظره جنون الصهيونية فى تل أبيب، حيث صار هناك 147 دولة تعترف بفلسطين، وذلك يعنى معظم العالم. وعلينا أن ندرك أهمية العودة للخطاب الواضح باسترداد فلسطين، وأنها قضية وطن، وليست مجرد قضية حقوق مدنية، وكما كتب الكاتب الفلسطينى الكبير الشهيد غسان كنفانى رواية عائد إلى حيفا، ( 1969)، والتى تُعد من أبرز الروايات فى الأدب الفلسطينى المعاصر، نحن بحاجة لإعادة رواية أوسع الآن، هى عائد إلى فلسطين، فتلك هى المعركة.

*الأهرام