مدن الطوق بدلا من قبائل الطوق
إلى حد كبير يرتبط التوحش بالقبيلة، وبالبداوة أيضا، ولطالما أسقطت القبائل دولا وإمبراطوريات، الإمبراطورية الرومانية الغربية التي حكمت الشرق والغرب، أسقطتها قبائل القوط التي كانت تتسول لقمة العيش عندها سابقا. قبائل المغول المتوحشة في أواسط آسيا أسقطت الحضارة العباسية ودمرت عاصمتها بغداد. قبائل منغوليا غزت الصين بعظمتها وسيطرت عليها. كذلك قبائل الهكسوس مع الحضارة الفرعونية.. إلخ، الشواهد التاريخية كثيرة.
نحن في اليمن لم نستلهم الدروس والعبر بعد. وإلا كان بإمكاننا من وقت مبكر تأسيس محافظات صغيرة، خاصة حول صنعاء، لا لحماية صنعاء فحسب، ولكن لتمدين هذه المناطق، وإلحاقها بالتمدن وإن في حده الأدنى.
ثمة مناطق تستحق أن تكون كل منها محافظة مستقلة بذاتها، مثل: خولان، همدان، حوث، أرحب، شبام كوكبان، حراز، رداع، آنس، زبيد، بيت الفقيه، الزيدية، الحجرية، المخا، وصاب، يريم، سيؤون..إلخ.
تأسيس محافظات صغيرة يُسهم إلى حد كبير في انتشار التنمية، وتقديم الخدمات، والقضاء على البطالة، وتوسيع فرص العيش.
كان بإمكاننا ــ لو كانت لنا قيادة رشيدة ــ صناعة "مدن الطوق" بدلا من "قبائل الطوق".
كان بإمكاننا أن نستلهم تجربة المملكة العربية السعودية في هذا التقسيم، حيث توجد محافظات صغيرة لديها بحجم قبيلة واحدة عندنا فقط. هذه سياسة ذكية في توسيع فرص العمل وتقديم الخدمات للمواطن، بدلا من ربطه بعواصم مركزية يحتاج أحيانا شد الرحال للوصول إليها.
قد يقول قائل هذه تحتاج موازنة مالية خاصة، وهذا صحيح، ولكن تستطيع أي محافظة من هذه تحمل نفقاتها بعد سنواتٍ قليلة فقط من التأسيس؛ لا سيما إذا توفرت فرص العمل وتمت إدارتها بخطط استراتيجية ناجحة، الأمر متوقف على حسن الإدارة فقط. ثم إن هناك برامج عالمية تدعم المناطق الجديدة الناشئة والتنمية فيها.
باختصار.. مدن الطوق اتجاه إجباري خلال المرحلة القادمة، للأسباب التي ذكرنا، ولأسباب أخرى.