”المواجهة النقدية: هل يصمد الريال اليمني بين رحى الشرعية والحوثيين؟”
في خطوة جديدة تهدف إلى السيطرة على السوق المصرفية، أصدر البنك المركزي في عدن قرارًا بإلزام المواطنين والمؤسسات غير المالية والمحلات التجارية بإيداع العملة القديمة في البنوك التجارية والإسلامية خلال مهلة 60 يوما بدءا من نهاية شهر مايو.
هذا القرار يأتي في سياق الصراع المستمر بين الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي التي تسيطر على صنعاء وأجزاء أخرى من اليمن.
يهدف هذا التقرير إلى تحليل هذه الخطوة وتأثيرها على الاقتصاد اليمني، وكذلك ردود الفعل من قبل الأطراف المختلفة.
دوافع البنك المركزي في عدن
السيطرة على السوق المصرفية
يبدو أن أحد الدوافع الرئيسية لهذا القرار هو محاولة البنك المركزي في عدن لإثبات وجوده وقدرته على التحكم في السوق المصرفية في مناطق الحكومة الشرعية.
من خلال هذا الإجراء، يسعى البنك المركزي إلى:
- تقليل تأثير مليشيات الحوثي: عبر الحد من قدرتها على التدخل في أسواق الصرف في مناطق الشرعية.
- إحكام السيطرة على العملة: من خلال التخلص من العملة القديمة التي تتحكم الجماعة الحوثية بقيمتها تحت سعر صرف وهمي.
الانتقام من البنوك في صنعاء
يبدو أن هناك جانب آخر لهذا القرار يتعلق بمحاولة البنك المركزي في عدن للانتقام من البنوك الرئيسية في صنعاء التي رفضت الانتقال إلى عدن.
هذه البنوك تعتبر مخالفة لقرارات الحكومة الشرعية، وبالتالي يسعى المركزي في عدن إلى فرض مزيد من الضغوط عليها.
تعزيز التواصل المصرفي الخارجي
من خلال هذا الإجراء، يهدف البنك المركزي في عدن إلى تحسين سمعة القطاع المصرفي اليمني على الساحة الدولية، وتخفيف العزلة التي يعاني منها هذا القطاع تحت سيطرة الحوثيين.
تداعيات القرار
الانقسام النقدي
من المتوقع أن يؤدي هذا القرار إلى زيادة الانقسام النقدي بين مناطق سيطرة الحكومة الشرعية ومناطق سيطرة الحوثيين.
حيث يمكن أن يؤدي إلى:
- سوق سوداء للعملات: من الممكن أن يؤدي هذا الانقسام إلى خلق سوق سوداء للعملات الأجنبية بأسعار تزيد من هبوط قيمة العملة المحلية.
- زيادة التوتر الاقتصادي: يمكن أن يؤدي الانقسام النقدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، مما يزيد من معاناة المواطنين.
الرد من مليشيات الحوثي
إعلان البنك المركزي المسيطر عليه من الحوثيين في صنعاء
ردت مليشيات الحوثي عبر البنك المركزي المسيطر عليه منهم في صنعاء بإصدار إعلان ينص على تعويض المبالغ من العملة القديمة التي يتم تداولها في عدن بما يقابلها من العملة المطبوعة حديثًا.
هذا الإعلان يعكس عدة نقاط:
- تحريض على التهريب: يبدو أن الإعلان يحرض على تهريب العملة القديمة خارج النظام المصرفي، مما يزيد من تعقيد الأزمة.
- استخدام أساليب غير مشروعة: من خلال هذا الإعلان، تتبنى مليشيات الحوثي أساليب غير مشروعة تزيد من الفوضى الاقتصادية بدلاً من البحث عن حلول وسطية.
التأثير على المواطن والاقتصاد
معاناة المواطنين
يبقى المواطن اليمني هو الضحية الرئيسية لهذا الصراع بين البنكين المركزيين في عدن وصنعاء. حيث يعاني المواطن من:
- هبوط قيمة العملة: يؤدي الانقسام النقدي إلى انخفاض قيمة العملة المحلية، مما يزيد من تكلفة المعيشة.
- التوتر الاقتصادي: يزيد الصراع بين البنكين من التوتر الاقتصادي العام، مما يؤثر سلبًا على الحياة اليومية للمواطنين.
التوقعات المستقبلية
من المتوقع أن يستمر الصراع بين البنكين المركزيين في التأثير على الاقتصاد اليمني بشكل سلبي. قد نشهد:
- إصدار فئات جديدة من العملة: يمكن أن يؤدي القرار إلى إصدار فئات جديدة من العملة تزيد من سعر الصرف.
- زيادة التهريب: قد يزيد التهريب نتيجة للإجراءات التعسفية من كلا الطرفين، مما يعمق الأزمة الاقتصادية.
- رضوخ مليشيات الحوثي: قد يؤدي قرار البنك المركزي الى رضوخ مليشيات الحوثي وقبولها بالعملة الجديدة ما يؤدي الى توحيد العملة في كل اليمن.
الخاتمة
في ظل الصراع المستمر بين الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي، يظل الاقتصاد اليمني والمواطن اليمني هما الضحيتين الرئيسيتين.
يتطلب الوضع الراهن حلاً سياسيًا شاملًا يتضمن تسويات وتفاهمات تساهم في استقرار السوق المصرفية وتحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين.