كيف ستتأثر حياة المصريين بتعويم الجنيه ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة الرئيسية 600 نقطة أساس؟
قررت لجنة السياسة النقدية في مصر خلال اجتماعها الاستثنائي، اليوم الأربعاء، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25 و28.25 و27.75 بالمئة على الترتيب.
وقال البنك إن اللجنة قررت الإسراع بعملية التقييد النقدي من أجل تعجيل وصول التضخم إلى مساره النزولي وضمان انخفاض المعدلات الشهرية للتضخم.
تراجع الجنيه المصري بشكل حاد مقابل الدولار مع افتتاح الأسواق، ليتجاوز سعر الصرف 50 جنيها للدولار من مستوى 30.85 للدولار الذي حاولت مصر على مدى شهور الدفاع عنه، بحسب ما قالت وكالة رويترز.
وتمثل هذه الخطوة خفضا طال انتظاره لقيمة العملة، لأن تطبيق سعر صرف أكثر مرونة أحد المطالب الرئيسية لصندوق النقد الدولي.
يأتي ذلك بعد قرار لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري -خلال اجتماعها الاستثنائي اليوم- رفع عوائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس، ليصل إلى 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب.
وقال البنك في بيان إن اللجنة قررت الإسراع في عملية التقييد النقدي من أجل تعجيل وصول التضخم إلى مساره النزولي وضمان انخفاض معدلاته الشهرية.
وأضاف "أكد البنك المركزي التزامه بالحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط، في إطار حرصه على تحقيق الدور المنوط به لحماية متطلبات التنمية المستدامة، وتحقيقا لذلك يلتزم البنك المركزي بمواصلة جهوده للتحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، وذلك من خلال الاستمرار في استهداف التضخم كمرتكز للسياسة النقدية مع السماح لسعر الصرف بأن يتحدد وفقا لآليات السوق".
وتابع "يعتبر توحيد سعر الصرف إجراء بالغ الأهمية، حيث يساهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمية والموازية".
ومنذ 10 أشهر وحتى ختام جلسة أمس الثلاثاء بلغ سعر صرف الدولار 31 جنيها، في حين تحرك في السوق الموازية (السوق السوداء) ليصل إلى 70 جنيها قبل نحو 3 أسابيع، قبل أن يبلغ حاليا 48 جنيها، ففي فبراير/شباط 2022 كان سعر الدولار الرسمي في مصر 15.7 جنيها، فيما بلغ بعد عمليات التحريك الثلاث 31 جنيها.
في الأثناء، قفزت سندات مصر الدولية بأكثر من سنتين بعد أن رفع البنك المركزي الفائدة، إذ أظهرت بيانات "تريد ويب" أن السندات الأطول أجلا حققت أكبر المكاسب، حيث سجلت السندات المستحقة في 2047 ارتفاعا بلغ 2.6 سنت، لتصل إلى 82.3 سنتا، بحسب رويترز.
كيف ستتأثر حياة المصريين بقرار البنك المركزي تعويم الجنيه؟
يطرح قرار البنك المركزي المصري، صباح الأربعاء 6 آذار/مارس، تساؤلات عن كيف سيؤثر إيجابا أو سلبا، على زيادة أسعار السلع في مصر وهو ما يئن منه معظم المواطنين المصريين، على وسائل التواصل الاجتماعي على مدار الشهور الماضية.
وكان البنك المركزي المصري، قد قرر السماح بتحديد سعر صرف الجنيه، وفق آليات السوق، إلى جانب تطبيق زيادة قوية على أسعار الفائدة بنحو 6% دفعة واحدة، ، فضلا عن رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة، وذكر البنك المركزي، أنّ توحيد سعر الصرف يأتي في إطار حرصه على تحقيق الدور المنوط به، بحماية متطلبات التنمية المستدامة والمساهمة في القضاء على تراكم الطلب، على النقد الأجنبي، في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي.
ونوه المركزي المصري، إلى أنّ القضاء على السوق الموازية للصرف الأجنبي، يؤدي إلى كبح جماح التضخم،عقب الانحسار التدريجي للضغوط التضخمية، المقترنة بتوحيد سعر الصرف، لافتا إلى السعي لإعادة تقييم معدلات التضخم المستهدفة، في ضوء القرارات، إلى جانب المخاطر المتعلقة بالتوترات الجيوسياسية الإقليمية، والتقلبات في أسواق السلع الأساسية العالمية والأوضاع المالية العالمية.
وبعد إعلان المركزي عن خطوته، التي كان يترقبها كثيرون، أشارت التقديرات إلى تراجع الجنيه المصري بشكل حاد مقابل الدولار، مع افتتاح الأسواق، إذ سجل سعر الدولار مقابل الجنيه المصري، في مصرف أبوظبي الإسلامي، وبنك إتش إس بي سي، والبنك الأهلي الكويتي، والبنك التجاري الدولي، وبنك فيضل الإسلامي، وبنك مصر والمصرف العربي الدولي أكثر من خمسين جنيها للدولار الواحد .
وأشار خبراء اقتصاديون إلى أن الارتفاع في سعر الدولار، بعد قرار التعويم جاء بفعل زيادة أسعار الفائدة، التي تضمنها القرار أيضا، إلى 6% ، إلا أن بيان المركزي المصري، أشار إلى أن قرار رفع أسعار الفائدة الأساسية، سيساعد في تقييد الأوضاع النقدية، على نحو يتسق مع المسار المستهدف لخفض معدلات التضخم.
تباين في الآراء
وتباينت آراء الاقتصاديين في مصر، بشان خطوة التعويم، ففي حين رآها البعض إيجابية جدا وأنها ستضيق كثيرا من الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية ، وكان سعر الدولار سابقا في البنك المركزي يساوي نحو 30.84 جنيه بينما في حين كان يتجاوز سعر السوق الموازية الـ70 جنيها في مطلع العام، قبل أن يعاود التراجع خلال هذا الشهر تحت تأثير نجاح الحكومة في إبرام صفقة "رأس الحكمة" التاريخية مع دولة الإمارات بقيمة وصلت إلى 35 مليار دولار.
واعتبر المرحبون بالخطوة، أن القرار سيسهم في تحجيم التقلبات السعرية الحادة، لمعظم السلع والخدمات، بعد معاناة السوق المحلية منذ العام الماضي، مما عرف بظاهرة الدولرة وتسعير السلع بالدولار غير الرسمي، وهو ما زاد كثيرا من التضخم ومستويات الأسعار.
غير أن المتشككين في جدوى التعويم، يعربون عن مخاوفهم، من أن تكون الدولة قد لجأت للتعويم، في ظل عدم امتلاك المصرف المركزي للسيولة الدولارية الكافية، لمستلزمات الإستيراد، ويرون أن على البنك المركزي المصري، أن يسارع بتوفير الدولارات للمستوردين، لقطع الطريق على ظهور السوق الموازية مرة أخرى، ولجوء المستوردين إليها.
وبشكل عام فإن الشارع المصري، يبدو في حالة ترقب، بعد خطوة البنك المركزي بالتعويم، وبعد معاناة طويلة مع الزيادة المفرطة في الأسعار، التي وصلت لحد الانفلاق كما وصفها البعض، ويحدو المصريين أمل قوي، في أن تأتي الخطوة بثمارها فيما يمس حياتهم اليومية، عبر خفض التضخم وعودة الأسعار إلى مستويات معقولة.