المشهد اليمني
السبت 27 يوليو 2024 05:13 صـ 21 محرّم 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
”صوت الجماهير يُسمع: صافرات استهجان تلاحق إسرائيل في حفل افتتاح الأولمبياد” صراع قبلي يكاد يمزق نسيج المجتمع في قعطبة.. ثم يأتي الصلح ليلئم الجراح ”أنتم الآن أقرب إلى حرب عالمية ثالثة”.. ”ترامب” يحذر ”نتنياهو” مما سيحدث في الشرق الأوسط إذا خسر في انتخابات الرئاسة الأمريكية ”صوروا كلامي هذا وارسلوه للحوثي، لسنا خائفين منك”... قبيلة أرحب تتحدى الحوثيين (فيديو) ”مقترح غير متوقع: عفو مقابل بناء مستشفى لروح الطفلة حنين البكري” ”ميليشيا الحوثي تثير الفتنة: لافتة طائفية تهدد النسيج الاجتماعي في اليمن” تطور خطير.. الكشف عن رحلة سرية لإحدى طائرات اليمنية من مطار صنعاء إلى العاصمة ”اللبنانية” بيروت ”أين التراث اليمني؟ صحفي رياضي يفجر قضية الزي في حفل افتتاح أولمبياد باريس” ”اختطاف الجندي المدافع عن عدن: رحلة البحث المؤلمة في سجون عدن السرية” سوق السلاح في عدن.. ظاهرة مستمرة تتحدى القرارات وتثير المخاوف قوات الانتقالي الجنوبي تصدر تصريح هام وتتحدث بشأن قضية علي عشال شخصية جنوبية شهيرة تصل صنعاء...وقيادات حوثية ترحب

نظام الفوضى الجماعية!

«النظام الدولى أصبح باليا وعفا عليه الزمن وخرج عن المسار الصحيح. ومجلس الأمن الدولى يعانى الشلل بسبب الانقسامات الجيوسياسية. إن تركيبته لا تعكس واقع عالم اليوم، ويتعين إصلاحه».. هذا ليس رأيا لكاتب معارض ضد تصدع النظام العالمى، ولكنها فقرة من خطاب أمين عام الأمم المتحدة أمام قمة الجنوب لمجموعة الـ 77 والصين، الأسبوع المنصرم.

تبدو كلمات من خطاب وداع للرجل، الذى سيغادر موقعه الدولى أكثر منها حالة سخط عابرة، بسبب وضع عالمى يزداد قتامة، أو طقس مدينة كمبالا الاستوائى حيث كانت القمة. إن الرجل تقاسم حالة سخط على عالم تنهار فيه القيم ويتجه نحو مجد الفوضى الجماعية، ووسط مناخ عالمى يسوده الإفلات من العقاب.

**

ذات مرة، كنت أزور ما يسمى ورشة الكتابة الجماعية، وهى أفكار ابتدعها مخرجو السينما وشركات الإنتاج التى عجزت عن وجود نصوص إبداعية متماسكة، فيتم اللجوء لمجموعة موهوبين لم يجدوا فرصتهم نحو المجد، ولا أنقذوا انفسهم باكراً من الذهاب لمهن لا تمتهن العقل! فعلقوا بين براثن شركات وأنظمة تعبث بالمواهب والقيم!. فيخرُج المنتج مسلسلات وأفلام بتأليف جماعى هو أقرب لتقرير مراقبى الشئون الإدارية، منه لعمل فنى، وذاك تقليد من أمريكا إلى تركيا والمكسيك، تجد مسلسلا ليس له نهاية أو ملامح. كل أسبوع يتم اختراع حدث لشد الناس ودون مراعاة لأى قواعد، وحيث ان الإنتاج السينمائى انتقل من السينما إلى منصات البث فنحن فى زمن السوشيال ميديا، بكل شىء! من السياسيين إلى الترفيه! . وما ذكرنى بالأمر ليس هبوط فكرة الإبداع السينمائى والتليفزيونى، بل ما نراه من واقع سياسى أكثر هبوطا. وإلا ماذا نسمى هذا الواقع الذى نعيشه؟ إذا لم يكن مشهدا عبثيا فى مسلسل طويل من الجنون!.

**

وكنت فى لقاءات يفترض بها أنها رفيعة المستوى، فإذا بك تجد نفسك بنفس مزاج ورشات عبث لكتابة نصوص مسلسلات لا أول لها ولا آخر، وأحداث ليس بينها رابط !. إنه زمن العبث بكل شىء من عقول الناس إلى خريطة البلدان!. ودوما أصاب بدهشة مضحكة حول تصارع عدد من ممثلى البلدان على فقرة فى بيان، أو اشتداد نقاش لقاء على تصريح، ثم ينفض الجمع بابتسامات ماكرة، فلا أحد يعير لقاءات سياسية هرمة فى واقع يمجد انفلات العقل لا أحد يعيرها التفاته.

وكشفت حرب غزة واستمرار جريمة العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى كل أوراق التوت!. بل لا يوجد توت من أصله!. تسأل من المستفيد من الحرب والعبث فتجد كل الأطراف، أولها الكيان الإسرائيلى الهارب من عقاب التاريخ والضمير، ثم كل الحالمين بعودة استعمار الرجل الأبيض فى أمريكا وأوروبا، وليس آخرها إيران إلى تركيا وحتى إثيوبيا. تظهر الصراعات الإقليمية لتكون جزءًا من مؤامرات ممتدة، وعبثٌ دوليٌ من أمريكا وبريطانيا وبقية ما تبقى من اتحاد أوروبا إلى الصين وروسيا والهند. كل القوى تدخل كلاعب وتصر على دور المشاهد. وحدهم أصحاب الأرض من يصبحون فى مرمى الأهداف الطائشة.

تكتمل مشاهد التجاذب والتآمر وتحشد كل أساطيل العالم نحو البحر الأحمر، ويقولون ذلك لا يكفي!. ووحده الشعب الفلسطينى الذى يبقى فى خندق الصمود!.

أما البقية فهم ضمن مشاهد يكتبها مؤلفون لا يعرفون بعضهم، بل يكمل كل واحد سطراً فى مشهد لا يقول لنا كيف يريده أن ينتهى! ليترك فراغا لآخر يكمل مشهد عبثٍ لا تدرى ماذا يريد به مخرج العمل الأساسى، ونسأل أصلا من هو المخرج فى كل هذا المسلسل العبثى؟!.

**

ولكن وبنفس القدر من الاحباط يولد الأمل، حيث لاحل للخروج من المأساة وكل هذا العبث إلا بمشروع عربى، حيث يدفع القدر المنطقة كلها دفعا لتفيق على حقيقة واضحة وهى ان بيقظتها خلاصها وأمن العالم معها، وأنه لابد من وقف تمزقها والخروج من الارتهان للآخر فذاك سبيل نجاتها. والواقع المر يظهر أنه لايوجد حليف دولى صادق، ولا شريك إقليمى عاقل. وبقليل من رد الاعتبار لمشروع نهوض عربى سيتوقف هذا العبث الذى يتجاوز فى انهيار قيمه منطقتنا، وننقذ معنا عالما آخر وليس فقط نجاة هذه الأمة. أقول ذلك ليس ترفاً ولا خيالا طوباويا، ولكنه يقين سنصل إليه رغم كل هذا التشظي.

*ومن يومين فقط ساعدت شيخاً كبيراً على صعود درج المطار الذى التقيته صدفة فى بابه، وإذ به يسألنى عن تعقيدات الهجرة إلى أوروبا واستغربت فقلت له، ومالنا والهجرة ياحاج خلينا فى دولنا العربية فضحك وهو يتكئ على ذراعى ويقول، وأين هى الدول!؟ فاختصر لى ذاك الرجل مشهد التعاطى الدولى مع كل ما يحدث حولنا .

*الأهرام