اليمن خاتمة المسك!
![](https://media.almashhad-alyemeni.com/img/23/11/05/297542.webp)
كأن التاريخ يطوي نفسه على عجل، كأن صدى الخطايا يعود إلى صدور أصحابها، لتضيق بهم الأرض التي ظنوا أنهم ورثوها.
يقف عبد الملك الخوثي فوق منصته، يرتجف صوته في الصمت، يتلعثم لئلا ينطق اسم بشار الأسد، لأن من كان يحتمي بجدار متهالك لن يجد إلا أنقاضه حين يسقط.
في خطابٍ خالٍ من ذكر الشام وسيدها الذي دمرها، بدا الحوثي كمن أدرك أن التحالفات المبنية على الخراب لا تسمن يوم الجوع، وأن من ارتمى في حضن إيران، لن يجد إلا خنجرها في ظهره حين يشتد البلاء.
بشار الأسد، الذي قتل شعبه وهدم البيوت فوق رؤوس أهلها، لم يعد حتى ذكره مُشرفًا في خطاب أذياله. هو القاتل الذي ظنّ أن الخراب يُخلّده، وأن الموت يُورثه عرشًا من الجماجم، فإذا به حكاية تُروى على مضض؛ الطاغية الذي أغلق الأبواب على قومه وحوّل الشام إلى صحراء من الدم. لم يعد الخوثي بحاجة إلى التستر باسمه، إذ يكفيه ما اقترفت يداه في اليمن من جرائم يُعجز عنها العقل، جرائم يُقيم بها شعائر ولائه لإيران، يقدمها قربانًا لتُبقيه فوق جثث الأبرياء.
لكن اليمن اليوم يلفظهم، بشار والخوثي سواء، كأن الأرض قد ضاقت بهم ولم تعد تحتمل عبثهم. لم يكن الخوثي سوى امتداد للظلم ذاته؛ صورة أخرى للطغيان الذي ذاقته الشام. يدّعي الشرف الهاشمي ويمضي في بيع الأرض لمن استأجره. يتكلم عن الثورة وهو يزرع القبور في كل قرية، عن الكرامة وهو يحرق الحقول وينهش خبز الفقراء. يا عبد الملك، لا شرف في سلاحٍ تُسيّره أيدي إيران، ولا بطولة في أن تقتل أطفال بلدك لتُرضي أسيادك.
أما بشار الأسد، ذلك الذي كتب تاريخًا من الدماء، فلا كرامة لقاتل أطفاله، ولا عرش يبقى لمن وضع بلاده في كفّ أعدائها.
اليوم، حين يصمت الخوثي عن ذكره، نعلم أن هذا الزمن ليس زمنهم، وأنهم يعرفون جيدًا أن عروشهم من ورق، تهتز حين تهبّ أول ريح. من كان يظن أن إيران ستمنحه المجد، لم يقرأ التاريخ: إيران تُقاتل على أرض غيرها، تشعل الحرائق ثم تترك رمادها خلفها.
لكن اليمن ليس رمادًا، ولن يكون. الأرض التي حملت شعبًا لا يموت، تعرف كيف تلفظ الغرباء، وكيف تكتب نهاية الطغاة. الخوثي، الذي زرع نفسه شوكةً في خاصرة اليمن، يُدرك اليوم أن النهاية قادمة لا محالة.
من ظن أن ولاءه لإيران يُكسبه مجدًا، لم يُدرك أن الأرض لا تُبايع الخونة، وأن التاريخ لا يرحم من جعل دماء قومه سلعةً رخيصة.
يا أهل الهاشمية، إلى أين أنتم سائرون؟ ألن ترفعوا وجوهكم عن تراب الخوثي المتعفن؟ ألن تُغلقوا الباب على ماضٍ ملطخ بالعار؟ إن لم تتبرؤوا منه اليوم، فالتاريخ لن يرحمكم غدًا. تلك الأرض التي تشربت دماء الأحرار لن تقبل أن تسقيها أقدام الخونة.
اليمن ليس بشار الأسد، ولن يكون عبد الملك الخوثي. هذا الوطن الذي يُقاتل ليحيا لن يترك سلاحه حتى تُطهر الأرض من كل دخيل. البارود هنا ليس خرابًا، بل قسمُ الحياة، والنار ليست حربًا، بل تطهيرٌ من رجس السنين. سيعود اليمن حرًا كما كان، وستُحفر أسماء الأبطال على صخور جباله. أما أسماء الخونة، بشار والخوثي ومن تبعهم، فستذروها الرياح مع ما تبقى من رمادهم.
ما بات في الشام أصبح في اليمن، لكن اليمن ينهض ليكتب فصلًا آخر: فصل الخلاص من الطغاة، من كل مَن خان الأرض وباع الشرف.
.. والله أكبر