تحركات قوية لإزاحة الحوثيين عسكريا والانتقالي يتمرد ويركض فرصة تاريخية.. وخطوة غير محسوبة تعزله دوليا!
في خطوة يمكن أن تُعتبر فارقة في تاريخ الأزمة اليمنية، أعلن عدد من الأحزاب والمكونات السياسية تشكيل "التكتل الوطني"، وهو تحالف يهدف إلى ملء الفراغ السياسي في اليمن بعد إزاحة الحوثيين عسكريًا أو التوصل إلى اتفاق معهم سياسيًا. وفق ما يرى المحلل السياسي والكاتب الصحفي عبدالسلام محمد.
المحلل السياسي قال إن هذا التحالف الجديد، الذي يحظى بدعم إقليمي ودولي، يعد بمثابة نواة للحكومة القادمة، إلا أن غياب المجلس الانتقالي الجنوبي عن هذا التكتل قد يكون له تداعيات خطيرة على مواقعه ومستقبله السياسي.
"الفرصة الضائعة"
ويضيف المحلل السياسي: "بغيابه عن التكتل الوطني، يترك المجلس الانتقالي وراءه فرصة تاريخية كانت قد تمكنه من أن يكون في قلب عملية صناعة النصر".
مضيفا أن "فوجوده في هذا التحالف كان سيعزز من موقفه في قيادة مرحلة ما بعد الحوثيين، ويضعه في موقع رئيسي في أي اتفاق سياسي مستقبلي. لكن بدلاً من ذلك، قرر الانتقالي أن يعارض هذا التوجه، ليبقى في حالة انقسام داخلي مع باقي مكونات الشرعية".
عزلة سياسية ذات تبعات خطيرة
وقال في مقالة رصدها المشهد اليمني، : "من المؤكد أن غياب المجلس الانتقالي عن التكتل الوطني سيؤثر عليه بشكل أكبر مما كان سيحدث لو قرر المشاركة".
وأضاف متحدثا عن الانتقالي: "فبجانب عزله عن حالة الإجماع الوطني، فإنه يضع نفسه في موقف متناقض مع طموحات اليمنيين في الشمال والجنوب على حد سواء. فقد أصبح الانتقالي، بإصراره على البقاء خارج التكتل، في موقع مناهض لجميع الأطراف المتوافقة داخليًا ودوليًا".
مشيرا إلى أن "هذا يضعه في مواجهة مع الضغوط الإقليمية والدولية التي ترفض أي مشاريع سياسية تقسم اليمن أو تكرس الانفصال على المدى الطويل".
"اتفاق الرياض في مهب الريح"
وقال إن "القرار الذي اتخذه الانتقالي بعدم المشاركة قد يقضي فعلاً على ما تبقى من اتفاق الرياض، الذي كان قد وضعه شريكًا أساسيًا في السلطة".
وتساءل: "كيف سيشارك المجلس الانتقالي في الحكومة القادمة إذا تم تشكيلها من قبل هذا التكتل؟ هل سيكون له تمثيل فعلي في حكومة قد تضم مكونات جنوبية أخرى غير الانتقالي؟".
لافتا إلى أن "هذه التساؤلات تؤكد أن غياب الانتقالي قد يحرمه من دور مؤثر في تشكيل المستقبل السياسي للجنوب، ويؤدي إلى توترات مع شركائه الجنوبيين في ظل وجود مكونات جنوبية أخرى داخل التكتل".
"الانتقالي في مفترق طرق"
ويتابع: "وسط هذه الأجواء السياسية المشحونة، يبقى السؤال الأهم: كيف سيتعامل المجلس الانتقالي مع المجتمع الدولي الذي يبدو أنه في طريقه لدعم مكون واحد فقط يمثل الشرعية في اليمن؟ هل سيستطيع الاستمرار في موقفه المعارض، أم سيجد نفسه مضطراً في النهاية للانضمام إلى هذا التكتل الوطني بعد أن أصبح خيار العزلة يهدد مصالحه الاستراتيجية؟".
وأردف: "غياب المجلس الانتقالي عن التكتل الوطني قد لا يقتصر فقط على إضعاف موقفه المحلي، بل قد ينعكس سلبًا على موقفه الدولي، ويزيد من تعميق الانقسامات داخل صفوفه".
وأتم قائلا: "في المقابل، التكتل الوطني، مدعومًا من القوى الإقليمية والدولية، يبدو أنه يمهد الطريق نحو مرحلة سياسية جديدة في اليمن، قد تشهد تحديات كبرى لمجلس الانتقالي في المستقبل".
واليوم شهدت العاصمة المؤقتة عدن، يوم الثلاثاء، حدثًا سياسيًا بارزًا تمثل في حفل إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، والذي حضره عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم رئيس الحكومة الدكتور أحمد عوض بن مبارك، وعدد من رؤساء الأحزاب والمكونات السياسية، بالإضافة إلى سفراء وممثلين عن البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية.
تضمن الحفل قراءة بيان إشهار التكتل، حيث أشار البيان إلى سلسلة من المشاورات بين الأحزاب والمكونات السياسية التي أسفرت عن تشكيل هذا التكتل الوطني بهدف توحيد الجهود السياسية لمواجهة التحديات الوطنية. كما أكد البيان على ضرورة دعم الشرعية واستعادة الدولة، مع التأكيد على أن التكتل هو جزء أساسي من النظام السياسي والشرعية الدستورية.
وفي خطوة هامة، تم إعلان الدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيسًا للمجلس الأعلى للتكتل في دورته الأولى. ووفقًا للبيان، يلتزم التكتل بمجموعة من المبادئ السياسية، أبرزها احترام الدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات الوطنية والإقليمية المتفق عليها، كما يحرص على تعزيز التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة.
تتمثل أولويات التكتل في استعادة الدولة، مواجهة الحوثيين، إنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية، حيث يُعتبر حل هذه القضية أساسيًا لتحقيق استقرار سياسي وطني شامل. كما أكد التكتل على أهمية تحسين الأوضاع الاقتصادية وتقديم الخدمات للمواطنين في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها اليمن.
وأشار البيان إلى أن التكتل الوطني هو نتاج مشاورات سياسية مستمرة منذ عام 2014، وهو خطوة جديدة في مواجهة الانقلاب الحوثي، مع فتح أبوابه لجميع القوى السياسية الراغبة في الانضمام إلى صفوفه.