المشهد اليمني
الخميس 10 أكتوبر 2024 08:08 صـ 7 ربيع آخر 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
حارس مدرسة يغتصب عشرة أطفال في تعز و يوثق جرائمه بالفيديو لابتزاز الطلاب (تفاصيل) احباط محاولة تهريب كميات كبيرة من الذهب والأحجار الكريمة في حضرموت عصابة مسلحة تستدرج سائق دراجة نارية في البيضاء وتقتله وتنهب دراجته (تفاصيل) ”إيران” تفاجأ ”واشنطن ” وتطلق اقوى تهديد مباشر للولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة ! ”وفاة مفاجئة تحزن عالم كرة القدم.. العثور على لاعب دولي غارقًا في مسبح منزله” رحلة إلى عالم الطهارة: لماذا يجب غسل الجنابة فورًا؟ الرئيس العليمي يوجه بمعالجة مظالم الإعلامية أمل بلجون ومنحها حقوقها الوظيفية وزير الدفاع الإسرائيلي: إيران ستواجه عواقب وخيمة وستفاجأ بحجم الرد زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي يعيش حالة رعب غير مسبوقة ويقوم بتغييرات أمنية جذرية قائد عسكري أمريكي سابق يكشف تورط سلطنة عمان في نقل أسلحة إيرانية للحوثيين قيادي حوثي يحذر جماعته: تحالفكم مع إسرائيل لن ينفعكم في الداخل شاب يمني ينضم إلى قائمة القتلى في أوكرانيا

ليل وأشباح وفتاة منكسرة!

44.222.134.250

حين وصلت مصر للعلاج في مطلع عام 2018م استأجرت شقة مفروشة حتى " أرسي لي على بر " كما يقولون، هل سأستقر بالقاهرة ؟ أم انها زيارة علاجية مؤقتة ؟! ولأنني لوحدي في الشقة فقد كنت أقضي الليل في قراءة بعض ما جلبته بالنهار من كتب ومجلات وقصص وروايات. ذات مساء أثناء انهماكي في شرب القهوة والقراءة طرق الباب بشدة، مؤكد أنه البواب، لا أحد غيره يعرفني هنا. فتحت الباب وإذا هو أكرم جابر أحد أبناء قريتنا، كانت مفاجأة مدهشة، عانقته وجلسنا نتحدث، ولأنني أعزب فقد خرجنا للعشاء في أحد المطاعم المجاورة. حقيبته الكبيرة التي جاء بها جعلتني أفكر بسبب زيارته ، ربما علم بوجودي وجاء ليسكن معي في الشقة ؟ لا بأس فأنا بحاجة لشخص مثله له سنوات في القاهرة. بعد عودتنا جاء بالحقيبة وفتحها أمامي وإذا بي أكاد أتجمد من الرعب، لم أستطع النطق، لقد شلني الرعب تماما ، ثقلت لساني وتخشبت حتى صارت مثل صخرة ثقيلة.! لقد كانت الحقيبة تحتوي على هيكل عظمي كامل.! أندهش أكرم من صدمتي وخوفي قائلاً: ــ ما لك يا أستاذ محمد ؟! وأضاف: ــ أنا أدرس طب في القصر العيني، وهذا هيكل نستخدمه في التشريح. في حياتي رأيت الكثير من الصور للهياكل العظمية للإنسان لكن أن يكون بجواري فهذا هو الرعب الذي لم أتخيله.! بقيت أرتعد من الخوف عاجزا عن الحركة والنطق ، وحينها أغلق الحقيبة، وأعطاني علبة الماء فشربت ، وبدأت أحاول التماسك. كنت ما زلت يجتاحني الخوف ويرتعد جسدي حين أندفع يحكي: ــ في البداية أنا خفت مثلك لكني تعودت الآن، صار هذا الهيكل رفيقي المخلص، أحيانا أخرجه من الحقيبة وأمدده بجواري في السرير وأنام.! نظرت إليه باشمئزاز وداهمني صداع عنيف وغشيني العرق، لقد ارتفع السكري لدي إلى مستوى مخيف، أسرعت أتناول قرص مهدئ ولكن الصداع والخوف لم يهدأ. وبدأ أكرم يعتذر لي فلم يكن يعلم أنني مصاب بالسكري، وأنني سأخاف بشدة من الهيكل العظمي، بعدها اعتذر وحمل حقيبته وغادر. خرجت إلى الصيدلية المجاورة وحكيت للصيدلاني ما حدث لي فأشار علي بأن أضرب حقنة بسبرون لعلاج الهلع، وأتناول كذلك بعض الفيتامينات. ضربت الإبرة في العيادة، وتناولت بعض أقراص الفيتامينات وعدت. حاولت أن أنسى ما حدث بكل الطرق والوسائل، فتحت التلفزيون فإذا به يعرض فيلم رعب، وقبل أن أسرع وأغلق التلفاز انقطعت الكهرباء فجأة ، بقيت في مكاني.! يا الله ما الذي يحدث لي ؟! عادت الكهرباء ، حاولت القراءة لكن تلك الجمجمة المخيفة كانت تظهر لي في أي صفحة أفتحها.! تخيلت عددا من الأشباح المرعبة وهياكل عظمية تمشي في الشقة، تختفي وتظهر ، تغيب وتخرج لي مجددا من كل غرفها.! قررت الخروج مرة أخرى، إلى أين ؟ لا أدري ؟! المهم أخرج وأمشي وسط البشر الأحياء. ذهبت إلى القهوة وطلبت شاي أحمر بنعناع، بدأت ارتشف الشاي لكن مشادة بين شباب يشجعون الأهلي وآخرين يشجعون الزمالك تطورت إلى معركة بالكراسي أطاحت بكأس الشاي ففرت هارباً وعدت إلى حيث أتيت وأنا أحمد الله على سلامتي.! قبيل أن أصعد الأسانسير قررت الذهاب إلى البواب وقضاء بعض الوقت معه ، ناديته فرحب بي، كان لا يزال يدخن النرجيلة ويشاهد التلفاز ، رويت له ما حدث معي فضحك حتى جاءت زوجته وبناته من الداخل لاستطلاع الأمر.! ــ يا بنات اعملوا شاي بلبن وكعك للأستاذ محمد. ــ ما فيش داعي يا عم ابراهيم. ــ يا أستاذ خلينا نونسك بعد الرعب اللي عشته. بقيت أشرب الشاي باللبن وآكل من الكعك ونتحدث. كنت شارد الذهن أرد على أسئلته بهزة من رأسي وآكل الكعك كأنني جائع منذ أيام وإذا به يفاجئني: ــ إيه رأيك نجيب لك البنت الشغالة تخدمك وتونسك بالشقة ؟ ــ تاني يا عم إبراهيم ؟! كان قد عرض علي بعد أن استأجرت الشقة بنت شغالة قال إنها " غلبانة ومنكسرة " وجعل يعدد مزاياها لكنني رفضت الأمر بشدة. ــ بقول لك إيه ؟ ــ قول ــ ما تتجوز ؟ ــ يا عم إبراهيم أنا متجوز. ــ اتجوز البنت الغلبانة اللي قلت لك عليها، منها شغالة ومنها زوجة. ــ لا لا يا عم إبراهيم أنا جاي اتعالج مش جاي أتجوز. ــ براحتك كان قصدي أخدمك. شكرته وعدت إلى الشقة، قررت السهر حتى الصباح، ومحاولة نسيان ما حدث بأي شكل. وبدأت أفكر في البنت " الغلبانة المنكسرة " ترى كيف سيكون شكلها؟ هل ستكون مثل الممثلة " نورا " في فيلم " غاوي مشاكل " لعادل إمام فتاة جميلة تبحث عن سكن بعد أن تركت البيت بسبب مضايقات زوج أمها. إيش من أفلام وعادل إمام ؟ هي وصلت للأفلام ؟! وأعود وأقول لنفسي: -وما فيها ؟ أنا سأتزوج بالحلال أم سأعيش معها بالحرام ؟! وإذا جاءت تشتغل عندي كم ستأخذ بالشهر ؟ هل ستكون طباخة ماهرة؟ وهل ستناديني : ياسي محمد؟ أو ياسيدي ؟ ماذا لو دخلت عليها المطبخ ذات يوم وهي لابسة إلى ركبتها، وقد تعرى صدرها؟ والشيطان شاطر وأنا بشر في النهاية. وهل سيظل الشيطان يدفعني نحوها حتى إذا أمسكت بيدها ستظهر لي العفة والبراءة: ــ بلاش يا سيدي ، ما يصحش كدا ، حرام عليك. بعدها ستقول: ــ نتجوز يا سيدي على سنة الله ورسوله. وهل سآخذها حينها إلى مكتب أي محامي ونتزوج شرعي؟ أم سألغي الموضوع من أساسه ؟ لكن أهلها أكيد سيطلبون مهر ومقدم ومؤخر ودبلة وهدايا وووألخ، وماذا لو علمت زوجتي بزواجي ؟! مؤكد ستأتي على جناح السرعة، ستكون معركة حامية الوطيس ولا معركة حطين.! وأفرض الزوجة طردتها وبعدين شهرين رجعت: ــ أنا حامل منك يا سي محمد. وقامت الزوجة بطردها مرة أخرى، بعدها دخلنا في محاكم وقضايا والصحافة تكتب، والأخبار تنتشر. يا فضيحتاه.! وأفرض البنت هذي ظهرت له عائلة ومن الصعيد وجاؤوا ببنادقهم القديمة يصيحون: ــ التار ولا العار يا رجالة ــ هو فين اليمني دا اللي دحك على بنتنا ؟! ــ لازم يتجوزها شرعي رجله فوق رقبته. ــ لازم يصلح غلطته ويتجوزها والا نغسل شرفنا بالدم .! وماذا ستقول أمي عندما تشاهد صوري في الصحف؟! ــ الله أكبر عليك يا أكرم أنت والهيكل العظمي حقك. لقد عشت في خيالي فيلم عربي قديم، وصار ذهني ساحة لتساؤلات ولصراع شديد بين نزوة تكاد تتغلب علي ، وعقل ما يزال يقاوم ولم يستسلم.! وانتشلني من شرودي وصراعي اتصال الزوجة التي أمطرتني بأسئلة لا نهاية لها حتى أذن الفجر . ذهبت إلى الجامع وصليت وحين عدت إلى فراشي نمت كأنني قد نسيت كل ما حدث.! حين صحوت أرسلت نقودا إلى الزوجة لتقطع تذاكر لها وللأولاد، ولم تمض أيام حتى استقبلتهم في المطار، وحين وصلوا الشقة نسيت تماما قصة الهيكل العظمي والأشباح.!

*قصة قصيرة