رشاد العليمي و «آل البيت»
في مرحلة وصلت فيها الشرعية اليمنية الى عجز كلي وشلل تام في مفاصل الدولة، وانتكاسة في الجبهات وضعف في تدفق الأموال الى الإقتصاد اليمني، واضطرابات في خلايا الجسد اليمني الواحد، تشكل مجلس القيادة الرئاسي، برئاسة د. رشاد العليمي وعضوية شخصيات جلبتها الظروف وأثبتت نفسها في الميدان وتحظى بإجماع واسع في الداخل، والأهم هو اتفاقها على الهدف الحقيقي المتمثل بالتخلص من سرطان أصاب الأرض والشعب اليمني المتمثل في ميليشيا الحوثي الارهابية التي لا ينفع معها أي دواء، سوى الاستئصال بالنار والحديد وليس سواه.
د. رشاد العليمي ذو تاريخ علمي ولم يكن يوما من داعية أو رجل دين وان كان ملتزما على المستوى الشخصي..
آمن د. رشاد العليمي بالعلم والقانون والدولة، ونال شهادة الدكتوراه باقتدار، واجتهد وكافح طوال مسيرته المهنية حتى وصل الى أعلى وظيفة في هرم الدولة..
د. رشاد العليمي اليوم يدير جمهورية يصعب لملمتها؛ نظرا للتناقضات الكبيرة والعجيبة، ويتجنب الانجرار الى الصراع الديني الذي يبدو انه يراه السبب الأبرز في دمار وتفكك الشعوب، ويسعى لامساك العصا من الوسط من أجل «جمع الكلمة وتوحيد الصف وخلق الإجماع»..
العليمي في الفترة الأخيرة وجه قبلته صوب الإعلام المصري بشكل مباشر، علما منه بمكامن الخلل، وعدم إلمام الشعب المصري وكثير من إعلامييه بحقيقة الحرب في اليمن وفي كثير من الأحيان تختلط عليهم كثير من المفاهيم.. فمن يزر مصر منذ فترة الحرب في اليمن بالتأكيد يسمع الكثير سواء من عامة الشعب أو كثير من المثقفين وغيرهم بشأن الأزمة اليمنية وربما سيندهش من القصور الموجود في معرفة «كنه وتفاصيل الأزمة» وربما سيصب جام غضبه على إعلام الشرعية وقيادتها لدورهم القاصر في إيصال رسالة واضحة «تجلي العتمة».
يمم الرئيس العليمي وجهته صوب الشارع المصري عبر إعلامه، واستضاف الكثير من الصحفيين المصريين في عدن وخصص لهم الوقت والجهد لتوضيح الصورة كما هي دون رتوش، من أجل إيصالها الى مصر أم العروبة وقيادتها، خاصة وأن ل«أم الدنيا» دور كبير أسهم في خلاص اليمن وشعبه من الإمامة وهي، والتأكيد على أن «الحوثيين» هم امتداد لمشروع «الإمامة» الذي ضحت فيه مصر بخيرة أبنائها على تراب اليمن من أجل القضاء عليه ونقل اليمن من عصور الجهل والظلام و«القطرنة» إلى النور والتنمية والبناء والجمهورية.
ومؤخرا، ذهب العليمي في حديثه لقناة فضائية مصرية بمعية نخبة من الصحفيين المصريين للقول بأننا اليمنيون نحب آل البيت، وكان الحديث واضحا حب بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى أكمل وأشمل، لكن هناك من تعامل معه باجتزاء بطريقته التي يريد ولهدف سياسي أو طائفي بحت أو لكم ان تسموه ما تشاؤون.
في حديثه الصحفي، أكد الرئيس العليمي على حبه واليمنيين ل«آل البيت» من منظور «ديني» وليس «سياسي»، فماذا لو قال خلال اللقاء «نحن نكره آل البيت ونحارب آل البيت لأنهم ال بيت رسول الله»؟ وماذا لو قال لا نؤمن بآل البيت ونحن نقاتلهم؟ وهي في الأصل كفكرة «كذبة» تاريخيا ودينيا واستطاعت إيران تحويلها إلى «نظرية للحكم» وصدرتها إلى الإقليم ودمرت بسببها عدة بلدان عربية لغتها ودينها وثقافتها واحدة.
تخيل -أيها القارئ الكريم- أن الرئيس العليمي شدد على العداء ل«آل البيت» والمقصود به النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، وسمعه الشارع المصري الذي يقدس ويعظم «آل البيت» محبة في رسولنا الكريم ولديهم كم هائل من المزارات الدينية التي تربطهم به، كيف سيكون وقع هذا الكلام عليهم وكيف ستكون ردة الفعل وكمية السخط وكره للقضية اليمنية، وسيستغل ذلك من قبل ميليشيا الحوثي بشكل لايمكن تصوره.
من زاوية ثانية، ماذا لو صرح د. رشاد العليمي ب«كراهية آل البيت» ونحن في اليمن لدينا الكثير والكثير من الافرع الدينية التي تتنتظر لتصيد الأخطاء ولو زلات اللسان لكي تجهز معاولها للهدم.
أصاب الرئيس العليمي بتجنب هذا المطب، لكن أقلام مأجورة وتيارات مأزومة وأخرى تخشى عودة أو ظهور «تيار ديني» للحكم يضاعف مأساة اليمنيين، استغلت حديث أن ابن تعز الجمهوري العتيد والقيل العظيم وقامت بتحريفه من أجل أهداف وأغراض سياسية..
نحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه فقط ولا نؤمن بمن سواهم ومن يدعي اليوم زورا وبهتانا وافتراء انه منهم وله الفضل وعلينا تقديسه هو مجرد مجرم في نظر الشعب اليمني وسيأتي اليوم الذي تعود في الدولة اليمنية دولة الحرية والمواطنة المتساوية، والتي ستسن قانونها الأول بتجريم الكذب والافتراء على الدين والرسول محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأطهار والانتماء إليهم، والتأكيد على أن اليمنيين جميعهم سواء ولا وجود لسادة أو عبيد..