تعرف على الأسباب الأربعة التي دفعت دونالد ترامب لبدء جولته الخارجية من السعودية وقطر والإمارات

في مشهد يعيد إلى الأذهان زيارته الأولى قبل ثماني سنوات، اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخليج العربي كوجهته الأولى في ولايته الثانية، محددًا السعودية وقطر والإمارات كنقاط انطلاق. ورغم أن المفاجأة كانت في حضوره جنازة البابا فرنسيس في الفاتيكان أولًا، فإن نواياه كانت واضحة منذ البداية: الخليج قبل كل شيء.
المال أولًا: الخليج مفتاح الانتعاش الاقتصادي
خلال فترة رئاسته الأولى، عقد ترامب صفقات ضخمة مع السعودية تجاوزت 450 مليار دولار، منها 110 مليارات في المجال العسكري فقط. والآن، تطلعاته أكبر. بحسب تصريحات البيت الأبيض، تأمل إدارته في توقيع اتفاقيات تصل قيمتها إلى تريليون دولار مع المملكة، في حين وعدت الإمارات باستثمارات تصل إلى 1.4 تريليون دولار على مدى عشر سنوات.
وبحسب الأكاديمي عبد الله باعبود، فإن ترامب يعي تمامًا حجم الدور الاقتصادي الذي تلعبه دول الخليج عالميًا، خاصة في ظل احتياطاتها المالية الهائلة وصناديقها السيادية المؤثرة.
غزة وإيران: ملفات مشتعلة على طاولة ترامب
الحرب في غزة والملف النووي الإيراني يشكلان أبرز تحديات السياسة الخارجية الأمريكية حاليًا. وقد طرح ترامب أفكارًا مثيرة للجدل، منها نقل سكان غزة إلى دول مجاورة غنية للمساهمة في تحويل القطاع إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، وهو ما قوبل برفض عربي واسع.
في السياق ذاته، تسعى واشنطن، عبر جولتها الخليجية، للحصول على دعم مالي لإعادة إعمار غزة، إضافة إلى دعم جهود الوساطة للإفراج عن الرهائن المحتجزين. وهنا تلعب قطر دورًا محوريًا، كونها تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة وتشارك في جهود وقف إطلاق النار.
أما بشأن إيران، فقد لوّح ترامب بخيارين لا ثالث لهما: إما صفقة نووية، أو عمل عسكري مباشر. لكن على ما يبدو، لا تزال الوساطة العمانية خيارًا قائمًا لتجنب المواجهة.
نفوذ سياسي جديد: الخليج لاعب عالمي لا يُستهان به
برزت السعودية خلال السنوات الأخيرة كوسيط إقليمي ودولي، كان آخرها استضافة محادثات بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الحرب في أوكرانيا، وهو تطور يؤكد أن المنطقة باتت مركزًا دبلوماسيًا عالميًا.
ويشير باعبود إلى أن دول الخليج تمتلك اليوم تأثيرًا يفوق حجمها بفضل مزيج من القوة المالية والدور الاستراتيجي في الأزمات العالمية، مما يجعلها شريكًا لا يمكن تجاوزه، حتى من قِبل القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين.
التطبيع مع إسرائيل: الورقة المؤجلة
رغم نجاح ترامب خلال فترته الأولى في إبرام اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل وأربع دول عربية، إلا أن السعودية لا تزال ترفض الاعتراف بإسرائيل رسميًا. ومع ذلك، كان هناك تقدم كبير في المباحثات حتى اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر 2023، والتي عطّلت المسار مؤقتًا.
ترى إدارة ترامب أن إحياء هذا الملف قد يكون ممكنًا مجددًا عبر البوابة الخليجية، حيث تشكل السعودية، بصفتها الأكثر تأثيرًا في العالمين العربي والإسلامي، حجر الزاوية في أي اتفاق مستقبلي.
ترامب يقرأ الخريطة الجديدة من الخليج
سواء تعلق الأمر بالصفقات الاقتصادية أو الأزمات السياسية، فإن اختيار ترامب للسعودية وقطر والإمارات يعكس إدراكًا عميقًا لتحول مركز الثقل العالمي نحو الشرق الأوسط. إنه استثمار في الحلفاء، وفي النفوذ، وفي صورة قائد لا يكتفي بالشعارات بل يبحث عن المكاسب الفعلية.
جولته الخليجية ليست مجرد زيارة بروتوكولية، بل رسالة واضحة إلى العالم: واشنطن لا تزال في صدارة اللعبة، والخليج شريكها الأساسي في ذلك.