الجمعة 6 ديسمبر 2024 05:52 صـ 5 جمادى آخر 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

عبدالرقيب عبدالوهاب.. لماذا اغتيل بطل السبعين؟! (9)

الجمعة 22 نوفمبر 2024 09:57 صـ 21 جمادى أول 1446 هـ

سلطة المشايخ وتصفية وإزاحة الضباط الثوار (2)
كان العمري آخر الشخصيات الثورية العسكرية المعتبرة من الضباط الجمهوريين الذين لهم صولة وجولة وقوة الشخصية والرأي والتأثير في مسرح الأحداث، رغم تصدره الصراع الجمهوري عن الجانب التقليدي، بعد استشهاد وكذا التخلص من كثير من الضباط الأحرار الذين كان لهم الدور الأبرز في الثورة، وخاصة الفاعلين منهم كعلي عبدالمغني ورفاقه، وبالتخلص من العمري كذلك رسم مسار جديد لليمن تقليدي سلم زمام الأمور للآخرين من الصفوف الثانوية الذين يتحكم بهم المشايخ والقضاة للتحكم بالبلاد، لا يختلف كثيراً عن النهج الإمامي ببعض المظاهر الجمهورية، لا من حيث المعتقد والركود والتخلف الكبير والدكتاتورية الغاشمة، ولا من حيث العشوائية وحرمان اليمن من خط النهوض الحقيقي الذي سارت عليه البلدان المتحررة في ذات الزمن والفترة كالجزائر وغيرها.
بالقضاء على قوات الصاعقة والمظلات والمدفعية القديمة والمشاة (أنشئت وحدات جديدة بنفس التسميات لكن المسيطر عليها الجانب القبلي معطية ولاءها له ولو باسم الجيش الجمهوري)، وخروجها من المشهد نهائياً، وإزاحة بقية الضباط الثوار أصحاب الكلمة المؤثرة والصورة المعتبرة أمام الجماهير، إنما تم القضاء على أمل الإصلاح المؤسسي؛ وأمل بناء الدولة بشكل فعلي ومهني ومؤسساتي، وبشكل قوي، وتشتت من بقي من الضباط والأفراد خارجياً وداخلياً، وذهب بعضهم يمتهن المهن المختلفة والتجارة وفتح متاجر صغيرة كالفتيريات والمطاعم والبقالات، ولقيتُ بعضاً منهم عبر الصدف بهذه المهن، وخاصة أيام العسكرية، ومنهم من لجأ إلى الغربة، ومنهم من عاد إلى قريته ومزرعته، ومنهم من تاه في الجنوب مشتتاً مشرداً بعد أن أعطى الثورة والجمهورية زهرة شبابه وأغلى ما يملك وهي روحه التي بين جنبيه، لتظهر قيادات أخرى من الصفوف الخلفية والهامشية للثورة أو البعيدة منها، ليصل الأمر إلى ما وصلنا إليه اليوم من تشتت كلي بسبب عدم بناء جيش قوي مهني يحمي الدولة ويحافظ على الجمهورية، كما هو حال بقية الجيوش العربية الجمهورية أو غير الجمهورية، لتعود الإمامة مجدداً من باب التمزق العنصري والانتقام الشخصي وتشتت صفوف القوى، ومن داخل الجيش نفسه الموالي للإمامة والقبيلة، وعدم أخذ زمام المبادرة في المواجهة والدفاع عن الجمهورية.
عند أول منعطف واختلاف داخل الصف الجمهوري رأينا تكتل القبائل ضد العمل المؤسسي المهني، ورأينا معارضتهم لبناء جيش حديث يقوم على الأسس العلمية للجيوش الحديثة، وصار منتسبو الجيش كالأسماء المسجلة في كشوفات الضمان الاجتماعي لا أكثر، يحضرون عند تسلم الرواتب ويقبعون في المنازل أو في أعمال أخرى، ولما صار الصدام بين الجانبين، تم تصفية الضباط المهنيين والثوريين والمحسوبين على طرف حزبي معين غير المدعومين بقبائلهم أو غير المحسوبين على مراكز قوى معينة من كل الوحدات، الذين لم يكن لهم غطاء سياسي ولا إعلامي، وظلت هذه النظرة والتعامل في أوساط الجيش والأمن سائدين إلى اليوم.
مرونة ومكانة شيوخ القبائل بين القبائل سواء في المناطق الإمامية أو الجمهورية وتقلب مواقفها بحيث لم يتم قطع التواصل بين شيوخ المناطق الإمامية والجمهورية حتى في ذروة الحرب بين الإمامة والجمهورية لنجد بعض المشايخ يستطيع الحركة داخل هذه المناطق في قمة المعركة والرصاص والقذائف تصب حممها صباً، كما حصل مثلاً من الشيخ سنان أبو لحوم في صرواح من تحرك مع مرافق وحيد له لفك الحصار عن قوة مصرية ظلت محاصرة أربعة أشهر وهو يخلصها من الموت، ثم ما يلبث أن استمال كل القبائل حولها ويدخل بمشايخها إلى صنعاء واستضافتهم من قبل السلال شخصياً والقيادة المصرية!
هذا الالتفاف القبلي حول المشايخ هو الذي وطد حكم القبيلة التقليدية في الجمهورية من ناحية، وهمش دور ومكانة الضباط والمؤسستين السياسية والعسكرية، ومن ناحية أخرى شكل حاضنة شعبية وقوة إضافية للمشايخ في مواجهة ضباط الجيش الذين هم عماد الثورة ومن ثم هزيمتهم في أحداث أغسطس في صنعاء، وهو ما كان حذر منه الإرياني عبدالرقيب "أنا أنذرك من الآن، إنك إذا كنت مرتكناً إلى تفوقك العسكري على الجناح الثاني؛ فإنك قد أهملت الجانب الأهم وهو جانب القبائل" (مذكرات الإرياني: ج3 صـ117)، وفعلاً فقد كان جانب القبائل حاسماً لتلك المواجهات. وقد وصفها الأستاذ النعمان بالقوة الضاربة ضد طرف عبدالرقيب.
يقول النعمان: "أرسلت القيادة إلى القبائل، والقبائل هي القوة الضاربة في اليمن والتي لا تزال على خطتها، ودخلت القبائل إلى صنعاء وأطبقت على هذه الأسلحة: الصاعقة والمظلات والمدفعية والمشاة؛ على أربعة أسلحة، ودمرت قواعدهم ومدارسهم، واستولت عليها، وسيطرت على الموقف، ونفوا هؤلاء إلى الخارج"(مذكرات النعمان: صـ127).
كانت القيادة هي التي استعانت بالقبائل واستدعتها إذاً بحسب النعمان، وإن كان النعمان خارج الوطن حينها إلا أن مراسلاته بكل صغيرة وكبيرة بتفاصيلها من قبل القيادة السياسية وعلى رأسها الإرياني بحكم الصداقة، وبحكم تعيينه عضواً في المجلس الجمهوري الذي رفضه بعد أسبوعين لعدم إعادة العمل بدستور خمر المتفق عليه بين الجميع، والإرياني جزء من ذلك الدستور والاتفاق.
هذا الاستدعاء أيضاً أشار له الشيخ الأحمر في مذكراته بالقول: "بقينا في بني الحارث أسابيع [بعد الحصار] وبينما نحن نعد العدة للتقدم على جبل الطويل وبني حشيش بلاد قاسم منصر وإذ باللواء حمود الجائفي يصل إلينا، وكان رئيس الوزراء في حينه، يخرج لنا إلى بيت حامد خيران في بني الحارث يطلبون دخولي صنعاء فوراً مع القبائل الذين معي حيث كان هناك خلاف بين العمري ورئيس الأركان عبدالرقيب عبدالوهاب، وكان العمري في الحديدة يستقبل صفقة دبابات وصواريخ تم شراؤها من روسيا(...).
قالوا لنا: لا بد أن تدخلوا صنعاء على وجه السرعة ولا تحاولوا أن تتورطوا في بني حشيش؛ فالخطورة من هؤلاء أصبحت كبيرة وعليكم أن تدخلوا دخولاً كبيراً وقوياً عسى أن يرتدعوا.
جمعنا الجيش الذي معنا في بني الحارث، وهم من حاشد وبرط وسفيان وعمران وعيال سريح، كما انضم إلينا آخرون من همدان وبني الحارث، ودخلنا بأعداد كبيرة تفوق خمسة آلاف شخص. تجمعنا للمطار من قرية ومن كل جهة؛ الذين جاؤوا مشياً على الأقدام والذين كانت تقلهم السيارات؛ اجتمعت هذه الأعداد الغفيرة في اليوم التالي في المطار...[تفاصيل كثيرة] وتجمعنا حتى استكمل العدد ودخلنا على باب شعوب بالطبول والدفوف والزغاريد والرماية حتى وصلنا القصر الجمهوري، وهذه هزت معنويات الوحدات المتمردة والجيش الشعبي، وهدأ التمرد".(مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر: صـ161).
هذا السرد للوقائع يشي بالكثير من الرسائل وما بين سطورها بعكس ما قاله الإرياني في مذكراته: أن المواجهة كانت بين فريق من الضباط بقيادة العمري والقبائل وبين طرف عبدالرقيب؛ فهذا السرد يقول إن القيادة هي من استدعت دخول القبائل ووصلت القصر الجمهوري، وهو مناقض لسرد الإرياني للأحداث.
هذه الحشود لم يتم حشدها لمواجهة المحاصرين لصنعاء من الإماميين، بينما تم حشدها للطرف الجمهوري، وياللعجب، وكذلك تقديرهم للموقف أن يتركوا الجبهات الإمامية المحاصرة لصنعاء والقول بعدم خطورتها وأن خطر الضباط والوحدات التي دافعت عن صنعاء بجماجمها من الحصار والغزو الإمامي أشد خطراً من الإماميين فهي طامة وتنبئ عن الكثير من الأجندة الخفية التي نحاول التهرب عن ذكرها حفاظاً على الصف الجمهوري ومهنية التدوين!!
نتج عن هذا الأمر أن كل شيخ من مشايخ المواجهة عمد إلى من يعرف من الضباط والأفراد تصفيةً واعتقالاً، وهذا ما أوضحه الشيخ أحمد علي المطري في رسالته للشيخ سنان أبو لحوم بالقول: "عزمت بعد ذلك أعطيت الخبرة أوامر باعتقال من أعرف من الحركيين، وقبضوا على كثير من المقاومة، كما قام الأخ مجاهد بحملة اعتقال من جانبه، وقام الأمن باعتقال وكذلك الشرطة العسكرية الموجودة بصنعاء قامت باعتقالات، الجميع في الرادع، والقلعة، والداخلية، كلاً بقدر ذنبه"!
تصفية الضباط الثوريين والجمهوريين المعتقين بدأ من مرحلة مبكرة ليس لأجندة إمامية وحسب بل لأن جانب الغيرة والتنافس والصراعات بين السياسيين والقادة الجمهوريين أيضاً كان لها دور كبير، وكانت تتم على ذات الطريقة التي عرفت تاريخياً بالطريقة الإسرائيلية (إرسال القائد إلى معركة محتومة المصير ليتم ميراثه من بعده).
فقد أرسل القائد الأهم في تنظيم الضباط الأحرار وهو الملازم علي عبدالمغني إلى معركة صرواح ولم يتم إمداده بشيء مما عرضه وحملته للحصار والسحق الإمامي، وفي بعض الروايات أنه اغتيل اغتيالاً للتخلص منه لأسباب كثيرة، وكذلك تم مع محمد مطهر زيد ومحمد الحمزي، بعد فدائية صالح الرحبي ومحمد الشراعي، لتتم السيطرة النهائية على قيادة الثورة بين ثلاثة رؤوس (السلال، جزيلان، والبيضاني) ليخوض هؤلاء الأخيرون معارك تنافسية بينهم البين لمحاولة إزاحة كل واحد منهم الآخر والتربع على عرش الرئاسة؛ هذه الصراعات التي أضعفت الجمهورية ومنعت قيام العمل المؤسسي ومن ثم انقضاض الجانب التقليدي من القضاة والمشايخ على الجميع وإزاحة السلال في الخامس من نوفمبر عام 67م.
كان تنظيم الضباط الأحرار، وعلى رأسهم دينمو الثورة علي عبدالمغني، قد عملوا احترازات معينة لنجاح الثورة في عدم رمي ثقل الثورة إلى التجار خشية من سيطرة البرجوازية على الجمهورية حد قول عبدالمغني نفسه، وكما رواها عبدالغني مطهر، لكنهم لم يحسبوا حساب القوة القبلية التي آلت إليها الثورة والجمهورية، وصارت نظاماً بين البين، أو لنقول: نظاماً مشيخياً بلباس جمهوري.
تهمة الحزبية
شنّع الجميع؛ سلطة وقبائل ومجتمعاً، على طرف عبدالرقيب أنه كان مرتبطاً حزبياً بجبهة القوميين العرب الماركسيين، وأنهم إنما يتحركون بدعم من الجنوب، وأنهم متطرفون حزبياً وضد الدين، وكانت هي التهمة التي ألبوا عليهم القبائل والمجتمع ككل لنبذهم والعمل على تصفيتهم، بينما كان معظم الطرف الآخر حزبيين سياسيين وضباطاً وقضاة ومشايخ.
في صراع أغسطس الدامي، وكما يقول الكثير من شهود العيان، كان صراعاً حزبياً؛ فقد كان طرف السلطة الرئيس المسيطر هو حزب البعث؛ فالإرياني كانت ميوله بعثية، وكان من يعملون تحت سلطته بعثيون، ورئيس الحكومة كان بعثياً وهو محسن العيني، ومجاهد أبو شوارب كان من الشيوخ بعثياً، وعلي سيف الخولاني وحمود بيدر ومن معه من الضباط في الطرف الآخر كانوا بعثيين، وكان سنان أبو لحوم محسوباً على البعثيين ومقربون منه وإخوانه بعثيين، وصهره العيني على رأس البعث حينها، وكذلك كان القاضي عبدالسلام صبرة مؤيداً وقريباً للبعث، وكان ابنه القائد العسكري عبدالله عبدالسلام صبرة بعثياً، وكل هؤلاء طرفاً في صراع أغسطس في مواجهة طرف عبدالرقيب المحسوب على القوميين العرب!
وحده كان الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر قبلياً محافظاً بميول إسلامية من تيار الزبيري، ومعه الشيخ أحمد علي المطري، ولكن الجميع، كما هو حال القبائل دائماً، التفاف الجميع حول القبيلة والمنطقة والسلطة، واتحدوا جميعاً في مواجهة طرف عبدالرقيب الذي حسب يسارياً عندهم ومن معه خليط من الناصريين والماركسيين (يسار)، رغم أن آخرين مقربين منه لم يحسبوه على اليسار ولم يكن حزبياً، وبالتالي نجد التعبئة ضدهم أنهم ملحدون ويعملون ضد الدين، وهو ما أثار المجتمع عليهم، الذي كان يعتبر الحزبية دخيلة وجديدة على الثقافة اليمنية تنشر الإلحاد.
وسنجد هذا الأمر مستمراً حتى نهاية السبعينات، وهو ما أوضحه تماماً الرئيس المقدم إبراهيم الحمدي عند أول خطاب له بعد انقلابه على الإرياني وتعيينه رئيساً لمجلس القيادة، رغم أنه حسب فيما بعد على الناصريين.
ففي الذكرى السابعة للاحتفال بإنشاء قوات الاحتياط، في تاريخ 29 أغسطس 1974، وقد صار رئيساً للجمهورية، ألقى الحمدي خطاباً وصف فيه أطراف الصراع في أحداث أغسطس 1968 بالحزبيين.
يقول الحمدي:
إن أحداث أغسطس عام 1968 مفترق الطريق في حياة شعبنا اليمني العظيم.
إن هذه الأحداث الدامية التي كانت بداية التحول في حياة الشعب اليمني. إنها أحداث يجب أن نقف عندها طويلاً، وأن نفكر لديها كثيراً، لنأخذ منها العبرة. هذه العبرة هو أن شعبنا اليمني العظيم حينما يولي أفراداً وجماعات ثقته المطلقة فإنه لا يعني أن يتركهم ليعبثوا ولا يتركهم ليفسدوا في هذه الأرض، وإنما حينما يتيقظ لما يعملوه من فساد فإن نقمته تكون شرسة وقوية كما حدث في أغسطس 1968.
إخواني: حينما دخلت الحزبية إلى القوات المسلحة والأمن، وحينما فكر أولئك الأفراد القلائل بأنهم قادرون على إخضاع إرادة هذا الشعب العربي العظيم، حينما أرادوا أن يستغلوه لتحقيق أهدافهم وأفكارهم المستوردة التي لا تمت إلى عقيدتنا الإسلامية ولا إلى واقعنا اليمني بشيء، حينما أرادوا هذا على بحر من الدماء فقد تيقظ لهم شعبنا في أغسطس 68م ولقنهم درساً عرفوه وعرفه الآخرون، وها نحن اليوم وبعد سبع سنوات من النضال والجهد والعرق نريد أن نقول لأولئك ليتهم اليوم معنا ليروا أصالة هذا الشعب ممثلاً في القوات المسلحة والأمن، وليروا أن القوات المسلحة والأمن قوة واحدة ووحدة واحدة وقلب واحد يسيرون في طريق الإصلاح، وفي طريق البناء، آخذين في الاعتبار واقع شعبنا العظيم، آخذين في الاعتبار الانطلاق من واقع الدين الإسلامي الحنيف الذي أوجد للعرب مكانة تحت الشمس، وخلق منهم أمة تعتز بماضيها العظيم" (بدايات إبراهيم الحمدي: لطفي نعمان صـ63).
كان المقصود بطبيعة الحال بالحزبيين هم المنتمين للجبهة القومية اليسارية وليس غيرهم؛ وإلا فإن رئيس الوزراء وبعض الوزراء والمشائخ المتحكمين بزمام الدولة كانوا حزبيين أيضاً؛ فقد كانوا منتمين إلى حزب البعث، وقد كان يتم ضرب أولئك الحزبيين في كل مكان، ومنها ريمة على سبيل المثال، كما يذكر الشيخ سنان أبو لحوم إذ يقول: "وقد قام بعض الحزبيين بإثارة المشاكل ضد الحكومة والمشايخ وقتلوا الشيخ محمود الزوم واختطفوا الشيخ إسماعيل نور الدين، وطردوا الشيخ علي يحيى الجبي، وزاد الطين بلة أن الجيش قام بضرب المناطق بصورة عشوائية ولم يتقيد بالأوامر فتفاقمت الأمور أكثر".
إلا أنه مع هؤلاء شكلت لهم لجان وساطة لحل مطالبهم ومشاكلهم ومع عبدالرقيب حملوه كامل المسؤولية وتم استئصال قوته لما يمثله من ثقل عسكري ويمكن أن يتمدد إلى الثقل المناطقي وهو ما أدركه العمري فعمل على إنشاء وثيقة تبرؤ من عبدالرقيب من قبل بعض مشايخ الحجرية، كما يقول الصديق والمؤرخ بلال الطيب (حصراً عليه، وهو ما لم نجده في مصادر أخرى من تتبع شخصي)، حتى يسحب بساط المواجهة المناطقية أو الطائفية مع أبناء تعز بشكل عام.
تهمة الإلحاد والعمل ضد الدين التي حسبوها على طرف عبدالرقيب نجد أن من نشر التفسخ وعدم الاحتشام والانفلات الديني والأخلاقي ونشر الخمور وغيرها هم من تربعوا عرش السلطة حينها حتى بعد تصفية الضباط الثوار، ومن يستعرض الفيديوهات والتسجيلات المنشورة لأواخر الستينات وعقد السبعينات لن يخرج بغير تلك القناعة، وهي ثقافة واضحة انتشرت بعد الثورة تعكس الفكر الحزبي غير المحافظ.
... يتبع