الأحد 8 ديسمبر 2024 01:45 صـ 7 جمادى آخر 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

عند حدود الضوء: العليمي ورسالة اليمن في زمن العواصف

الإثنين 11 نوفمبر 2024 01:08 صـ 10 جمادى أول 1446 هـ

على أجنحة زمنٍ يئن من وطأة الأحداث، خطى الرئيس د. رشاد محمد العليمي نحو الرياض، لحضور اجتماع القمة العربية الإسلامية المشتركة، دعوة لمواجهة الوجع المتكرر، حيث الجراحات لم تلتئم، ونبضات الأرض تشكو عدوانًا مستمرًا على فلسطين ولبنان، وجراحًا أخرى لم تتوقف عن النزف.

وقف العليمي كأنما يطل من حافة التاريخ والمعرفة، يحمل ثقلًا من الوعي بما حملته الأيام لليمن وللمنطقة من متغيرات. في ذاته يختبئ الحزن العميق، ذاكرة تهتز مع صرخات شعب عاش وجوهًا مختلفة للصراعات، يميزها بوضوح؛ يعرف جذورها، كأنما ولد وسطها وتربى بين أروقتها المظلمة، يتنقل بين مشاهدها كمن يسير في طرق وعرة حفظها جيدًا. أيام الطفولة تحملها السنين، وصورُ المعارك الأولى تتبدل في عينيه. يروي الحكاية بلا صوت، يقلب صفحاتها أمام مجلس يمتلئ بأصوات الطامحين إلى عالم أكثر استقرارًا.

حين خطرت خطواته على درب السياسة، كان قلبه يسابقه، يحمل رؤى تتداخل فيها الأمنية بالواقع، والظلمة بالنور. يعرف اليمن بوجهه القديم، يعرف كيف قُرأت أولى صفحات الخطر في البلاد، حين سارت الأفكار المتطرفة في أروقة القرية والمدن، كصوت هادئ لا يُرصد بسهولة، لكن عينيه لم تخطئان زوايا الخطر. أدار البلاد بحكمة المغامر العارف، ينظر في عمق الرؤية الأمنية، وينسج لها من علم الاجتماع عبارات تحفظها الأجيال.

في اليمن، حيث الرمل يعشق طعنات المطر الهاطلة على صخورٍ صامتة، عرف الوطن بين يديه معنى الالتزام، وحين تدركه تحديات لم تعهدها البلاد، يلتفت صوب الأفكار؛ ليمسك خيوطًا تربط بين الأمن والسياسة، بين أوجاع الشعب وأمل الاستقرار. بين ثنايا كل أزمة، كان يدرك أنّ الخلاص ليس في ردع السلاح فقط، بل في علم، يقدر تأثير النفوس ويغوص في تفاصيلها. دربٌ طويل، عانق فيه خبايا السياسة بكل ما فيها من تناقضات.

الآن في الرياض، أمام عيون قادة الأمة، يبقى حضوره أشبه بسؤال عتيق، يتكرر في زمن يُثقل عليه بالمتغيرات. يحمل صوت اليمن، الصوت الذي لا يغيب، يبدي قلقًا لا تخطئه الأذن، يعبر عن واجب مقدس، يدرك أنّ استقرار اليمن وأمانها هما جزء من هذا النسيج العربي، النسيج الذي لا يكتمل إلا بسلام شامل. يعلم أن الدرب طويل، غير أن عزمه لا ينكسر، فحين تتوحد إرادة الشعوب، تصبح الحكاية جديدة، وقوية، تشبه ضوء الشمس حين يخترق الضباب، عازمًا على إحياء الأرض من جديد.

.. وإلى لقاء يتجدد.