الأحد 8 ديسمبر 2024 04:44 صـ 7 جمادى آخر 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

حضرموت: بين إرث الحضارة ومطالب الاستقلال في وجه التهميش

السبت 9 نوفمبر 2024 07:06 مـ 8 جمادى أول 1446 هـ
الكاتب
الكاتب

حضرموت، تلك الأرض التي تمتد جذورها في أعماق التاريخ، وتنبض ثقافتها بعراقة وتنوع، كانت وما زالت نقطة فارقة في تاريخ شبه الجزيرة العربية. على الرغم من دور أبنائها البارز في نشر الإسلام، والمساهمة الفاعلة في بناء الحضارة الإسلامية، إلا أن حضرموت، وعلى مر العصور، عانت من تهميش مستمر، في ظل الصراع القائم بين الشمال والجنوب. هذا التهميش، الذي رافقه استغلال لثرواتها ومواردها الطبيعية، جعل أبناء حضرموت يرفعون صوتهم مطالبين بحقهم في الاستقلال بعيدًا عن التدخلات الخارجية التي عرقلت تقدمهم وأثرت على استقرارهم. تتعدد أسباب مطالبة حضرموت بالاستقلال، ولعل أبرزها:
١. الصراع المستمر بين الشمال والجنوب: ظل هذا الصراع المستمر عقبة رئيسية أمام تحقيق الاستقرار والتنمية في اليمن بشكل عام، وأدى إلى معاناة متواصلة لأبناء حضرموت، مما عرقل تطلعاتهم في تحقيق الازدهار الرفاهية.
٢. استنزاف ثروات حضرموت: رغم ما تمتلكه حضرموت من ثروات هائلة، إلا أن السياسات المتبعة من قبل النظامين الشمالي والجنوبي، بعد الدمج القسري، لم تراعِ مصالح حضرموت. بدلاً من أن تعود هذه الثروات بالنفع على أهلها، فقد ظلت حضرموت مصدرًا للاستنزاف، بينما كان أبناؤها يعانون من الفقر والتهميش.
٣. الهوية الحضرمية المستقلة: تتمتع حضرموت بهوية ثقافية وتاريخية متميزة، تميزها عن بقية المناطق اليمنية. هذه الهوية المتفردة تجعل مطالب الاستقلال مشروعًا لحمايتها من الذوبان أو التهميش، وضمان استمراريتها.
٤. السلمية والاعتدال: لطالما عُرفت حضرموت بأنها أرض السلم والاعتدال، وكان أبناءها من أكثر الشعوب تمسكًا بالسلام. لكن هذه السلمية، رغم قوتها الأخلاقية، جعلتهم في كثير من الأحيان عرضة للاستضعاف من قبل القوى المتصارعة في الشمال والجنوب. لذا، بات من الضروري أن تتمتع حضرموت بالاستقلال لضمان حقها في تقرير مصيرها وحماية كرامتها.
٥. دور حضرموت في نشر الإسلام: منذ العصور الأولى للإسلام، كان لأبناء حضرموت دور رائد في نشر الدين الإسلامي في مناطق جنوب آسيا، وساهموا بفعالية في نهضة العديد من البلدان. كيف يمكن لهذه الأرض التي قدمت للعالم مثل هذا الإرث العظيم أن تبقى رهينة للأوضاع الحالية؟
٦. الإسهام التاريخي في الحضارة الإسلامية: في عصر الخلافة الإسلامية، شغل أبناء حضرموت مناصب هامة وكان لهم دور بارز في خدمة الأمة الإسلامية. كيف يمكن لحضرموت، التي كانت في قلب الحركة الإسلامية، أن تظل اليوم غائبة عن المشهد بعد أن كانت في طليعته؟
استقلال حضرموت، إذًا، ليس مجرد مطلب سياسي بل هو ضرورة تاريخية وثقافية، تضمن لأهلها مستقبلًا واعدًا قائمًا على العدالة والكرامة. إن تحقيق هذا الاستقلال سيمنح حضرموت الفرصة لتطوير مواردها وحماية هويتها، ويعود بالنفع على أبنائها الذين طالما حلموا بمستقبل أفضل.