المشهد اليمني
الإثنين 11 نوفمبر 2024 01:18 مـ 10 جمادى أول 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
أبطال الوطن بين الإخلاص والغدر مليشيا الحوثي تطمس اسم ‘‘الحمدي’’ من مدرسة وتطلق عليها اسم زعيم شيعي بارز تفاجأ بزوجته تلهث وسمع شخير شخص غريب.. صدمة حارس أمن عاد إلى منزله وقت الدوام (فيديو) انهيارات صخرية مرعبة تقتل 7 مواطنين في المحويت (صور) موجة برد شديدة تضرب 8 محافظات خلال الساعات القادمة.. وهبوط درجات الحرارة إلى 2 الشرطة المصرية تشتبه في سيارة نجل الداعية ‘‘محمد حسان’’ وعند تفتيشها كانت الصدمة إعلان حوثي عقب عملية صاروخية استهدفت قاعدة عسكرية في ‘‘القدس’’ صباح اليوم السعر الجديد للريال اليمني المنهار أمام العملات الأجنبية في محلات الصرافة صباح اليوم القبض على شخص متلبس بجريمته في عدن.. وعند تفتيشه كانت المفاجأة الصادمة بحضور قائد عسكري كبير.. شاهد تشييع الضابطين السعوديين اللذين قتلا في اليمن (فيديو) صحيفة سعودية : الاعتداء على الضباط السعوديين بسيئون لن يؤثر على مواصلة دعم المملكة لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة يوثق الاعتراف العلني بجريمة الزنا.. تمثال أثري يمني يعرض للبيع في لندن

أحكام صلاة المسافر والمقيم في تحديد القبلة

الصلاة
الصلاة
34.239.153.44

ما حكم صلاة من صلى دون أن يتحرى جهة القبلة ثم ظهر له أنه كان مستقبلًا لها؟ فقد سافر شخص إلى مكان ما، وأقام فيه مدةَ شهرٍ، وأدى الصلوات المفروضة دون أن يتحرَّ القبلة، وفي نهاية مدة سفره ظهر له وتأكَّد أنه كان بالفعل مستقبلًا للقبلة الصحيحة في صلاته، فما مدى صحة صلاته؟ وهل يجب عليه إعادتها لكونه لم يتحرَّ القبلة منذ البداية؟

يجب شرعًا على من أراد الصلاة وجَهِلَ جهة القبلة أن يسأل عن اتجاهها أو أن يجتهد في تحرِّيها، فإذا سأل أو اجتهد فأخطأ وعَلِمَ بخطئه بعد الصلاة: فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه، وإن لم يسأل وترك الاجتهاد في تحرِّيها وصلَّى، فإن تبيَّن له الخطأ فصلاته غير صحيحة وتلزمه إعادتها، وإن تبيَّن عدم الخطأ وتحقق أنه قد أصاب القبلة: فمقصرٌ في أداءِ واجبِ الاجتهاد، والأصل أنه تلزمه إعادة الصلاة؛ على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة في المعتمد، ولو قلَّد من يُصحِّحُ الصلاةَ فلا بأس، مع وجوب تحري القبلة فيما يُستقبل من صلوات -بالاجتهاد أو السؤال-؛ خروجًا من خلاف الفقهاء، واحتياطًا لأمر الصلاة المفروضة التي هي عماد الدين وركنه الأعظم.

استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة

من المقرَّر شرعًا أنَّ استقبال القبلة شَرْطٌ من شروط صحة الصلاة؛ كما في قوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 150].

وقد جاء في حديث المسيء صلاته أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال له: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ، فَكَبِّرْ وَاقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ» متفق عليه.

قال الإمام ابن عبد البرِّ في "التمهيد" (17/ 54، ط. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب): [وأجمع العلماء أنَّ القبلة التي أَمَرَ الله نبيه وعباده بالتوجه نحوها في صلاتهم -هي الكعبة البيت الحرام بمكة، وأنَّه فرضٌ على كلِّ من شاهدها وعاينها استقبالها، وأنَّه إن تَرَكَ استقبالها وهو معاينٌ لها أو عالمٌ بجهتها فلا صلاة له، وعليه إعادة كُلِّ ما صلَّى] اهـ. ويُنظر أيضًا: "البناية" للإمام بدر الدين العيني الحنفي (2/ 117، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للعلَّامة الحطاب المالكي (1/ 507، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (3/ 189، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (1/ 317- 318، ط. مكتبة القاهرة).

بيان المقصود من استقبال القبلة

المقصود من استقبال القبلة: التوجه إلى عين الكعبة لمن كان في المسجد الحرام، والتوجه إلى المسجد الحرام لمن كان في مكة، والتوجه إلى مكة لمن كان خارجها، لما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي» رواه البيهقي في "السنن الكبرى".

ما يجب على المكلف إذا أراد الصلاة وجَهِلَ جهة القبلة

جمهور الفقهاء على أنَّ الواجب على مَنْ أراد الصلاة وجَهِلَ جهة القبلة، هو السؤال عنها أو الاجتهاد في تحرِّي إصابةِ جهتها، فإذا اجتهد في تَحرِّيها، ثُمَّ عَلِمَ بعد انتهائه من الصلاة أنه أصاب جهة القبلة فصلاته صحيحة ولا تلزمه الإعادة، وكذا تصح صلاته إذا اجتهد فأخطأ القبلة، بناءً على المختار للفتوى من أقوال الفقهاء، وهو ما ذَهَبَ إليه الحنفية في المعتمد عندهم، والشافعية في مقابل الأظهر، والحنابلة؛ لا سيَّما أنَّ التكليف فيما يتعلق بالبعيد عن الكعبة يتعلق بِتحرِّي جهة الكعبة لا عينها، والتكليف دائمًا مُقيَّدٌ بما في وُسْعِ المكلَّف، وهو الموافق لمذهب المالكية حال خروج وقت الصلاة، فإذا خرج الوقت فلا تلزمه الإعادة.

قال العلَّامة ابن مودود الموصلي الحنفي في "الاختيار" (1/ 47، ط. الحلبي): [(وإن اشتبهت عليه القبلة وليس له من يسأل: اجتهد وصَلَّى ولا يُعِيدُ وإن أخطأ)... لأن الواجب عليه التوجه إلى جهة التحرِّي إذ التكليفُ بِقَدْرِ الوُسْعِ] اهـ.

وقال الإمام الدردير في "الشرح الكبير بحاشية الدسوقي" (1/ 224، ط. دار الفكر): [اجتهد فأخطأ فعلى المذهب يُعيد في الوقت، وعلى مقابله يُعيد أبدًا] اهـ.

وقال العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 338، ط. دار الكتب العلمية): [(ومن صلى بالاجتهاد) منه أو من مقلده (فتيقن الخطأ) في جهة أو تيامن أو تياسر معينا قبل الوقت أو فيه أعاد أو بعده (قضى) وجوبًا (في الأظهر)... والثاني: لا يقضي؛ لأنه ترك القبلة بعذر فأشبه تركها في حال القتال، ونقله الترمذي عن أكثر أهل العلم، واختاره المزني] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (1/ 325، ط. مكتبة القاهرة): [المجتهد إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة، ثم بان له أنه صلى إلى غير جهة الكعبة يقينًا، لم يلزمه الإعادة. وكذلك المقلد الذي صلى بتقليده. وبهذا قال مالك، وأبو حنيفة. والشافعي في أحد قوليه] اهـ.

ويرى المالكية في قول والشافعية في الأظهر وهو المعتمد أن الإعادة تلزمه في الوقت وبعد الوقت.

قال العلَّامة جلال الدين المحلِّي في شرحه على "المنهاج بحاشيتي قليوبي وعميرة" (1/ 158، ط. دار الفكر): [(ومن صلى بالاجتهاد فتيقن الخطأ) في الجهة في الوقت أو بعده (قضى في الأظهر)، والثاني: لا يجب القضاء لعذره بالاجتهاد] اهـ.

قال العلَّامة القليوبي في الحاشية مُعلِّقًا: [(قضى) أي لزمه فعل الصلاة ثانيًا لاستقراره في ذمته ولو في الوقت، ولا يفعل حتى يظهر له الصواب، ولو بعد الوقت؛ لأنه متمكن من اليقين بالصبر أو بالانتقال إلى محل آخر] اهـ، ويُنظر: "الشرح الكبير" للإمام الدردير المالكي (1/ 224).

حكم صلاة من صلى دون أن يتحرى جهة القبلة

أمَّا إذا تَرَكَ -المصلِّي- الاجتهاد في تحرِّي القبلة -دون جَهْلٍ أو نسيانٍ- وصلى، فإن تبين الخطأ في إصابة جهة القبلة بطلت صلاته ووجب عليه إعادتها، وإن تبين عدم الخطأ وتحقق أنّه قد أصاب جهة القبلة -وهو محل السؤال-، فقد اختلف الفقهاء في صحة صلاته، مع اتفاقهم على كونه مُقصِّرًا بتركه الاجتهاد أو التحري وسؤال غيره: فذهب الحنفية في المعتمد عندهم والحنابلة في قولٍ إلى أنَّ صلاته صحيحةٌ ولا تجب عليه الإعادة؛ لعموم قوله تعالى: ﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 150]، ولأنَّه أصاب القبلة، وهو المأمور به شرعًا عند أداء الصلاة، ولأن ما افترض لغيره يشترط حصوله لا تحصيله.

قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (1/ 303، ط. دار الكتاب الإسلامي): [لو صلى في الصحراء إلى جهة من غير شك ولا تحرٍّ: إن تبين أنه أصاب أو كان أكبر رأيه أو لم يظهر من حاله شيء حتى ذهب عن الموضع فصلاته جائزة، وإن تبين أنه أخطأ أو كان أكبر رأيه فعليه الإعادة، وقيد بالتحري؛ لأن من صلى ممن اشتبهت عليه بلا تحرٍّ فعليه الإعادة إلا إن علم بعد الفراغ أنه أصاب؛ لأن ما افترض لغيره يشترط حصوله لا تحصيله] اهـ. ويُنظر أيضًا: "رد المحتار" للعلامة ابن عابدين (1/ 435، ط. دار الفكر).

وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "المبدع في شرح المقنع" (1/ 362، ط. دار الكتب العلمية): [وإن صلى بلا تحر أعاد، وعنه: يعيد إن تعذر التحري، وقيل: ويعيد في الكل إن أخطأ، وإلا فلا] اهـ.

وذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة في المعتمد عندهم إلى بطلان صلاته ووجوب الإعادة عليه؛ لأنها مبنيةٌ على وَهْمٍ لا ظنٍّ راجحٍ وهو الذي عليه مبنى الفقه.

قال العلَّامة العدوي المالكي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (1/ 332، ط. دار الفكر): [إذا صَلَّى بغير اجتهادٍ فإنَّه يعيد أبدًا وإن أصاب القبلة] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (1/ 492، ط. دار الفكر): [(فرع) فيما يُفْعَلُ من العبادات في حال الشك من غير أصلٍ يُرَدُّ إليه ولا يكون مأمورًا به، فلا يجزيه وإن وافق الصواب، فمن ذلك... شَكَّ إنسانٌ في القبلة فصلَّى بلا اجْتِهَادٍ فوافق القبلة... ففي كل هذه المسائل لا يجزيه ما فعله بلا خلاف] اهـ.

وقال العلَّامة ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (2/ 129، ط. دار الرسالة): [ومن صلَّى بلا اجتهادٍ ولا تقليدٍ، أو ظَنَّ جهةً باجتهاده فخالفها: أعاد] اهـ. ويُنظر: "عمدة الطالب" للعلَّامة البهوتي الحنبلي (1/ 69، ط. مؤسسة الجديد النافع).

المختار للفتوى في هذه المسألة

الأصل المختار الذي عليه الفتوى هو قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة في معتمدهم من وجوب الإعادة عليه؛ وذلك خروجًا من خلاف العلماء، واحتياطًا لأمر الصلاة، ومن ترك الإعادة أجزأته صلاته؛ لِـمَا تقرَّر من أنَّ أفعال العوام بعد صدُورِها منهم محمولةٌ على ما صح من مذاهب المُجتهدين ممن يقول بالحلِّ أو بالصِّحة؛ فإن مراد الشرع الشريف تصحيح أفعال المكلَّفين وعباداتهم وعقودهم ومعاملاتهم ما أمكن ذلك.

قال العلَّامة ابن نُجيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 90، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وإن لم يستفت أحدًا وصادف الصحة على مذهب مجتهدٍ: أجزأه ولا إعادة عليه] اهـ.

وقال العلامة محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية الأسبق في "الفتاوى" (1/ 225، ط. دار وهبة): [متى وافق عمل العامي مذهبًا من مذاهب المجتهدين ممن يقول بالحل أو بالطهارة كفاهُ ذلك، ولا إثم عليه اتفاقًا] اهـ، وهذا فيما فات من صلوات أمَّا ما يستقبل فيجب الاجتهاد والتحري أو السؤال.

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجب شرعًا على من أراد الصلاة وجَهِلَ جهة القبلة أن يسأل عن اتجاهها أو أن يجتهد في تحرِّيها، فإذا سأل أو اجتهد فأخطأ وعَلِمَ بخطئه بعد الصلاة: فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه، وإن لم يسأل وترك الاجتهاد في تحرِّيها وصلَّى، فإن تبيَّن له الخطأ فصلاته غير صحيحة وتلزمه إعادتها، وإن تبيَّن عدم الخطأ وتحقق أنه قد أصاب القبلة: فمقصرٌ في أداءِ واجبِ الاجتهاد، والأصل أنه تلزمه إعادة الصلاة؛ على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة في المعتمد، ولو قلَّد من يُصحِّحُ الصلاةَ فلا بأس، مع وجوب تحري القبلة فيما يُستقبل من صلوات -بالاجتهاد أو السؤال-؛ خروجًا من خلاف الفقهاء، واحتياطًا لأمر الصلاة المفروضة التي هي عماد الدين وركنه الأعظم.