الانهيار.. من سد مأرب إلى حزب الله
منطقة الشرق الاوسط قبل 7 أكتوبر ليست كما بعده.
هناك ملامح قوى جديدة تظهر وتتشكل
وملامح قوى تقليدية سابقة مثل اسرائيل بدأت تتغير خارطتها جغرافياً وسياسياً، ودول مثل لبنان وإيران بدأت بالتآكل وتنحسر في كل مستوياتها.
جميع دول طوق إسرائيل والقريبة منها تقف في حالة ذهول وإرتباك، تجمع المعلومات وتحللها، وتحاول استشراف مستقبلها ومن حولها، لكن هول الصدمة أكبر من الصدمة نفسها
لم يكن في حسبان أحد على وجه الأرض أن هذا الكائن الخرافي الضخم "حزب الله" سيتلاشى في ظرف دقيقة و40 ثانية فقط، هي الفارق الزمني بين كل قذيفة والتي تليها في قصف ستة مباني لقيادة الحزب.
كان الإعلام الشيعي قد صنع هالة حول الحزب وسلاحه وقيادته حتى ظنناه دولة لا تقهر.
فجأة تبخر الحزب وسلاحه وقيادته!
ولا يزال الجميع ينتظر اجتياحاً برياً لجنوب لبنان، ما يعني تغير جديد في جغرافية الدولة الإسرائيلية، التي لا تكف عن الاتساع!.
ما حدث لحزب الله يشبه ما حدث لسد مأرب، في المحكي الشعبي أن أضخم سد على وجه الأرض انهار بسبب فأر!
وكأن اسطورة البناء لابد أن يقابلها أسطورة السقوط.. وأضخم حزب سياسي وعسكري لابد أن ينهار في أقل من دقيقتين!.
وكأن هذا التشبيه أيضاً واحداً من عجائب الأقدار، إذ لطالما نادى حسن نصرالله بضرورة الجهاد إلى جانب الحوثيين ضد مأرب، وأرسل رجاله وخبرائه إلى مأرب، وقال إن معركة مأرب هي من سيحدد بوصلة المعركة في اليمن ومنطقة الخليج، وفي المشهد الأخير انتهى هو وحزب وسلاحه في لحظة خرافية لا يشببهها إلا المحكي الشعبي عن انهيار سد مأرب!.
بكل تأكيد أن زيارة الرئيس الايراني مسعود بزشكيان الى أمريكا قبل يومين، لحضور اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، قد تناولت مباحثات سرية مع الإدارة الأمريكية وفي مقدمتها ملفات البرنامج النووي الايراني، وحرب غزة، وأدوات إيران في المنطقة، وأهمها حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، لكن هل خبأت النتائج تفاهمات من العيار الثقيل، وصلت إلى تصفية أكبر ذراع عسكرية إيرانية في المنطقة، مقابل السماح لها بتعزيز ترسانتها النووية، أم تباينت الآراء والمواقف ووصلت إلى استئصال ذراع إيران ووكيلها المباشر في المنطقة العربية!.
كل الاحتمالات واردة، خاصة مع تواتر الأخبار عن غضب أمريكي بريطاني شديد من تزويد روسيا لحزب الله بمنظومة صواريخ ودفاعات جوية، رداً على تزويد دول الغرب للأوكران بصواريخ مماثلة لمواجهة روسيا وإرهاقها عسكرياً واقتصادياً.
ويبقى من الضروري الاشارة إلى أن الضربة العنيفة التي تلقاها حزب الله ستضعف حضوره عسكرياً وشعبياً لعشرين سنة على الأقل، فيما ستبقى حماس متماسكة لأسباب كثيرة، أهمها ارتباطها بفلسطين والقدس، ورمزيتهما في العالم الإسلامي، ولأنها لم ترتبط بجرائم إرهاب وتخريب خارج حدودها، ولا تجارة سلاح ومخدرات مثل حزب الله، ولأنها صمدت أمام أعتى قوة غاشمة قرابة سنة كاملة، رغم إبادة وحرق مساحة حضورها في غزة، حتى انقلبت المعادلة وصارت مؤسسات العالم الغربي أكثر تعاطفاً مع القضية الفلسطينية، ولأنها حافظت على تحصنها من أي اختراق طول 4 عقود من تأسيسها، وها هي إسرائيل بكل قوتها وتقنيتها تقف عاجزة عن استهداف قيادة حماس في غزة، ولا تعرف أي نوع من شبكات الاتصالات يستخدمون!.