المشهد اليمني
السبت 27 يوليو 2024 04:49 صـ 21 محرّم 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
”صوت الجماهير يُسمع: صافرات استهجان تلاحق إسرائيل في حفل افتتاح الأولمبياد” صراع قبلي يكاد يمزق نسيج المجتمع في قعطبة.. ثم يأتي الصلح ليلئم الجراح ”أنتم الآن أقرب إلى حرب عالمية ثالثة”.. ”ترامب” يحذر ”نتنياهو” مما سيحدث في الشرق الأوسط إذا خسر في انتخابات الرئاسة الأمريكية ”صوروا كلامي هذا وارسلوه للحوثي، لسنا خائفين منك”... قبيلة أرحب تتحدى الحوثيين (فيديو) ”مقترح غير متوقع: عفو مقابل بناء مستشفى لروح الطفلة حنين البكري” ”ميليشيا الحوثي تثير الفتنة: لافتة طائفية تهدد النسيج الاجتماعي في اليمن” تطور خطير.. الكشف عن رحلة سرية لإحدى طائرات اليمنية من مطار صنعاء إلى العاصمة ”اللبنانية” بيروت ”أين التراث اليمني؟ صحفي رياضي يفجر قضية الزي في حفل افتتاح أولمبياد باريس” ”اختطاف الجندي المدافع عن عدن: رحلة البحث المؤلمة في سجون عدن السرية” سوق السلاح في عدن.. ظاهرة مستمرة تتحدى القرارات وتثير المخاوف قوات الانتقالي الجنوبي تصدر تصريح هام وتتحدث بشأن قضية علي عشال شخصية جنوبية شهيرة تصل صنعاء...وقيادات حوثية ترحب

خواطر عن القمة

تستضيف مملكة البحرين على مدى يومي 15 و16 مايو (أيار) الجاري القمة العربية الـ33 في ظل أجواء عربية شديدة الحزن، وقلة حيلة لا تخطئها العين. ستكون أمام القادة ملفات فشل الجامعة العربية على الفرار من تكرار عناوينها، وعدم قدرتها على تحاشي ترديد مفردات بياناتها.

ولا يحتاج المواطن العربي جهداً كثيراً إلى التنقل بين عناوين الأخبار التي نتابعها، بفضل التقنيات الحديثة لتصيبه الكآبة والإحباط، بداية بحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ سنوات وبلغت ذروتها بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مروراً بالعراق وصولاً إلى ليبيا فالسودان فاليمن فسوريا، ولا يمكن تجاهل أحوال مصر الاقتصادية وغموض الأوضاع في تونس والصومال.

لا جدال على أن القضية الفلسطينية ستكون البند الأهم، كما جرت العادة في كل القمم السابقة، مع اختلاف أن بحثها هذه المرة سيجري في الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل حرب إبادة نشاهدها على الهواء مباشرة كما لو كانت مسلسل رعب بلون أحمر يكسو كل المحطات، دمرت خلالها الأخضر واليابس، وقتلت من المدنيين ما يندى له جبين البشرية لعقود مقبلة.

لكن الحقيقة أيضاً أن المواطن العربي لم يعد يثق بالجامعة العربية، ومقتنع بأنها لم تعد أكثر من مبنى جميل يطل على النيل يزوره موظفوه كل صباح، ويلتقي فيه دبلوماسيون أرسلتهم حكوماتهم لقضاء فترة من الاسترخاء مدفوع الأجر.

منذ سنوات والجميع يتحدث عن ضرورة إصلاح الجامعة العربية وتفعيل دورها وتدوير الوظائف فيها، ومنحها الحد الأدنى من السلطات في مجالات فنية كتوحيد قوانين لا تمس بالبنى السياسية والترتيبات الداخلية للدول الأعضاء، ولا تتقاطع مع أنظمة الحكم فيها، ولكن حتى هذا لم تتمكن الجامعة من التوصل إليه، واكتفى كل أمين عام بالحديث عن فشله في الإنجاز، ولم يجل بخاطر أي منهم أن يفكر في التنازل عن امتيازات المنصب، أو أن يعلن استقالته لعلها تحدث شيئاً من الضجيج للتنبيه على خطورة المآلات.

من المؤسف أن الجامعة العربية لم تعد صالحة ولا قادرة، بوضعها الإداري والفني الحالي إضافة إلى المعوقات السياسية، على القيام بأكثر من ترتيب لقاءات وندوات، ولم يعد المواطن العربي يكترث لما تفعله أو تصدره. وقد يكون من الأنسب عملياً ومالياً تحويلها إلى جهاز فني متخصص في قضايا التعليم والصحة والتعاون الاقتصادي، مع إيقاف التضخم المتزايد في أعداد العاملين فيها.

هناك كثير من القضايا الكبرى التي ستشغل بال القادة العرب، بعضها متعلق بخلافات بينية، لكن المواطن العربي البسيط أبعد ما يكون عن هذه الهموم العظيمة، وهي مواضيع قديمة قدم إنشاء الجامعة العربية. ذاك أن مشاغل وطموحات العربي البسيط لا تتجاوز البحث عن فرصة عمل شريف يطعم منه أطفاله، ومقعد في مدرسة قريبة من سكنه لبناته وأبنائه، ومستشفى لا يحتاج معه إلى السفر خارج قريته ومدينته، وطريق ممهد يساعده على التنقل بأمان وسهولة.

لربما يكون من المفيد أن يتواضع العرب جميعاً، حكاماً ومحكومين، ويبدأوا بخطوات بسيطة جداً إذا ما جرى تنفيذها فإن شعارات "أمجاد يا عرب أمجاد" و"العمل العربي المشترك" وغيرهما الكثير قد تستعيد ألقها، وهكذا يمكن أن تحبو الجامعة العربية إلى الأمام من دون تضخيم للذات ولا إطلاق لوعود نعلم أنها ليست أكثر من كلمات مللنا منها ولم تعد تثير حماسة أحد ولا اهتمامه.

الكل يعلم أن أجواء العالم العربي ممتلئة بالنزاعات البينية والداخلية، وكثيراً من أراضيه تسكنها الألغام العسكرية والسياسية، وهنا يصبح السؤال: ما الدور الذي قامت به الجامعة العربية لحل أو على الأقل التخفيف من الآثار المدمرة التي تسببت بها هذه الألغام والخلافات؟ والجواب واضح: لا شيء.

ومن سخريات "العمل العربي المشترك" هو اكتشاف أن لدينا "برلماناً عربياً"، بينما البرلمانات القطرية نفسها عاجزة عن الفعل الإيجابي ولا يعول عليها المواطن في حل مشكلاته. وهكذا تتضخم هيئات "الجامعة العربية" من دون أن تثير اهتمام الناس والرغبة في متابعتها، وهذا أمر يصيبها بشلل كامل.

يقول كثيرون إن انتقاد الأوضاع سهل وأن المؤامرات كبيرة وهذا صحيح، لكن الصمت والمداراة يداريان الأخطاء ويعميان الأبصار عن مكامن الخلل والعمل على إصلاحها. ومن هنا يكون الاعتراف بفشل "النظام العربي" أمر حتمي كي يتم الوصول إلى جذور الأزمة.

سيتسلم عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى رئاسة القمة العربية، وسيجد أمامه كماً مهولاً من القضايا شديدة التعقيد التي يدرك كل تفاصيلها، ويعي تماماً الأخطار التي تواجهها المنطقة، ولديه من الحنكة والتجربة ما يساعده على إدراك أن الأوضاع في المنطقة لا يمكن معها إلا الحديث الصادق والصريح بين الحكام أولاً وبينهم وبين المحكومين، إذ من دون ذلك ستظل تلك الفجوة والجفوة بين الشعوب العربية وداخل كثير من الأقطار العربية.

*إندبندنت عربية