المشهد اليمني
السبت 27 يوليو 2024 04:19 صـ 21 محرّم 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
”صوت الجماهير يُسمع: صافرات استهجان تلاحق إسرائيل في حفل افتتاح الأولمبياد” صراع قبلي يكاد يمزق نسيج المجتمع في قعطبة.. ثم يأتي الصلح ليلئم الجراح ”أنتم الآن أقرب إلى حرب عالمية ثالثة”.. ”ترامب” يحذر ”نتنياهو” مما سيحدث في الشرق الأوسط إذا خسر في انتخابات الرئاسة الأمريكية ”صوروا كلامي هذا وارسلوه للحوثي، لسنا خائفين منك”... قبيلة أرحب تتحدى الحوثيين (فيديو) ”مقترح غير متوقع: عفو مقابل بناء مستشفى لروح الطفلة حنين البكري” ”ميليشيا الحوثي تثير الفتنة: لافتة طائفية تهدد النسيج الاجتماعي في اليمن” تطور خطير.. الكشف عن رحلة سرية لإحدى طائرات اليمنية من مطار صنعاء إلى العاصمة ”اللبنانية” بيروت ”أين التراث اليمني؟ صحفي رياضي يفجر قضية الزي في حفل افتتاح أولمبياد باريس” ”اختطاف الجندي المدافع عن عدن: رحلة البحث المؤلمة في سجون عدن السرية” سوق السلاح في عدن.. ظاهرة مستمرة تتحدى القرارات وتثير المخاوف قوات الانتقالي الجنوبي تصدر تصريح هام وتتحدث بشأن قضية علي عشال شخصية جنوبية شهيرة تصل صنعاء...وقيادات حوثية ترحب

البحر الأحمر.. و‘‘فنّ الإلهاء’’ السياسي

حسن حافظ
حسن حافظ

ما يحدث تبدو فيه نية الإلهاء والرغبة الأمريكية البريطانية في صرف أنظار الرأي العام العالمي عن غزّة وما يُرتكب فيها من مجازر يومية على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، إذ تواصل حكومة تل أبيب تهشيم القانون الدولي يوميًا، بفضل الحماية الأمريكية، التي أجبرت مجلس الأمن على أخذ إجازة مفتوحة، لم يقطعها إلا تقديم واشنطن مشروع قرار يطالب الحوثيين بوقف فوري للهجمات في البحر الأحمر.

اللافت في قرار مجلس الأمن أنه أعطى الحق للدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالدفاع عن سفنها من الهجمات الحوثية، ما تُرجم على الأرض بهجمات أمريكية بريطانية ضد أهداف باليمن منذ 11 يناير/كانون الثاني الجاري، بحجة مواجهة الهجمات التي تهدد حركة الملاحة في البحر الأحمر، والتي لم تتجاوز ثلاثين هجمة حتى منتصف الشهر، فهل كان لها أثر سلبي واسع على الملاحة أم أنّ الرد الأمريكي المبالغ فيه هو ما نقل حالة ذعر مفتعلة لشركات الشحن العالمية؟.

أظن أنّ التصعيد الأمريكي البريطاني هدفه الإلهاء أساسًا، فهناك رغبة أمريكية في استخدام أي أوراق متاحة للتغطية على الجرائم الإسرائيلية اليومية في غزّة، مع تصاعد رأي عام عالمي رافض للمذابح بحق الفلسطينيين، فعلى ما يبدو أنّ واشنطن وجدت غايتها في تنفيذ سلسلة هجمات وفتح جبهة حرب تخفف الضغط الإعلامي على ربيبتها إسرائيل، ومن ناحية أخرى إجهاض أي نفس مقاوم في المنطقة ضد العربدة الإسرائيلية التي تنفرد بالفلسطينيين قتلًا وتشريدًا.

هناك تجاهل أمريكي أوروبي كامل لحقيقة بسيطة أنّ ما يجري في البحر الأحمر هو نتيجة طبيعية للمذابح ضد الفلسطينيين، والمواقف المخزية للمعسكر الأمريكي الذي يعمل كل ما في جهده لكي يواصل جيش الاحتلال عمليات الإبادة الوحشية دون تدخل أي طرف لإنقاذ الفلسطينيين، وعندما عبّرت أصوات يمنية عن رفضها لهذا الأمر، تجلى الرد في ضرب الحوثيين، لا حل أصل الأزمة بكف يد الإسرائيليين.

أما الإلهاء الأكبر الذي نتعرّض له هنا فهو مرتبط بتجنّب طرح الأسئلة المفترض مناقشتها حول أمن البحر الأحمر، فمن أسف أنّ التحرك الأمريكي البريطاني الذي يعكس الصراع الدولي على مدخل البحر الأحمر الجنوبي، يتم في ظل غياب الحضور العربي الكامل، رغم أنّ هذا البحر يمكن وصفه بالبحيرة العربية بامتياز، بل وتطل عليه أكبر دولتين عربيتين وهما مصر والمملكة العربية السعودية، ورغم ذلك لا نسمع إلا الصمت المحرج.

غزّة تُضرب بالقرب من شمال البحر الأحمر، واليمن يُضرب في جنوبه، والدول العربية المطلة على البحر لم تصل بعد إلى بلورة استراتيجية واضحة لتأمين الملاحة فيه، بل يُترك الأمر لقوى من خارج الإقليم بمهام تأمين البحر الذي يُفترض أن يكون شأنًا عربيًا داخليًا، أمر يرسّخ الفراغ الاستراتيجي الذي تعاني منه المنطقة العربية المستباحة دوليًا وإقليميًا بصورة واضحة لكل ذي عينين.

من كل هذا نخلص إلى أنّ الهجوم الأمريكي البريطاني على اليمن، هو في حقيقته حملة إلهاء لها أكثر من مستوى، الأول التغطية على جرائم الحرب التي تُرتكب في حق الفلسطينيين، بفتح جبهة حرب جديدة تشد أنظار الرأي العام العالمي، أما المستوى الثاني فهو غض النظر عن مفهوم الحرب العادلة التي فقدت معناها وتحوّلت إلى لافتة تخفي تحتها معنى العدوان، والثالث هو غياب الرؤية العربية لمناقشة الأمن الجماعي العربي في البحر الأحمر، ما يُعبّـر عن نفسه في أشكال الاستباحة المختلفة التي تعاني منها المنطقة حاليًا.

*عروبة 22