المشهد اليمني
السبت 27 يوليو 2024 04:12 صـ 21 محرّم 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
”صوت الجماهير يُسمع: صافرات استهجان تلاحق إسرائيل في حفل افتتاح الأولمبياد” صراع قبلي يكاد يمزق نسيج المجتمع في قعطبة.. ثم يأتي الصلح ليلئم الجراح ”أنتم الآن أقرب إلى حرب عالمية ثالثة”.. ”ترامب” يحذر ”نتنياهو” مما سيحدث في الشرق الأوسط إذا خسر في انتخابات الرئاسة الأمريكية ”صوروا كلامي هذا وارسلوه للحوثي، لسنا خائفين منك”... قبيلة أرحب تتحدى الحوثيين (فيديو) ”مقترح غير متوقع: عفو مقابل بناء مستشفى لروح الطفلة حنين البكري” ”ميليشيا الحوثي تثير الفتنة: لافتة طائفية تهدد النسيج الاجتماعي في اليمن” تطور خطير.. الكشف عن رحلة سرية لإحدى طائرات اليمنية من مطار صنعاء إلى العاصمة ”اللبنانية” بيروت ”أين التراث اليمني؟ صحفي رياضي يفجر قضية الزي في حفل افتتاح أولمبياد باريس” ”اختطاف الجندي المدافع عن عدن: رحلة البحث المؤلمة في سجون عدن السرية” سوق السلاح في عدن.. ظاهرة مستمرة تتحدى القرارات وتثير المخاوف قوات الانتقالي الجنوبي تصدر تصريح هام وتتحدث بشأن قضية علي عشال شخصية جنوبية شهيرة تصل صنعاء...وقيادات حوثية ترحب

مأساة جواس

سلمان الحميدي
سلمان الحميدي

يرتبط اسم جواس بأحداث مثيرة، بنيته الضخمة وكثافة شاربه مع سمعة شجاعته تمنحه هيبة إضافية تتناغم مع شخصيته كبطل نحتاجه كثيراً. المؤسسة العسكرية تحتاج هيّابين يجلبون لها الاحترام والقوة، هذا ما كان عليه جواس.

في 94، رفض أوامر صالح، فاحتجزه بطريقة مذلة حسب ما كشفه مراسل البي بي سي أنور العنسي. من مميزات الجنرال علي محسن، تقديره للرجال، واستلقافه لبعض من يتخلى عنهم صالح، اختلفت أو اتفقت مع محسن، أو كثرت عندك سلبياته، لن تستطيع أن تنكر تلك الميزة، استلقاف من يتخلى عنهم صالح، أو محاولة الإصلاح بينهم وبين الرجل الأول على الأقل.

لم يتحطم جواس، هو الضابط الذي يثبت مكانته في الميدان، هذا ما جعله قائدا لأحد الألوية العسكرية القوية، وفي حرب صعدة الأولى، بلغت سمعته أرجاء اليمن بصفته الضابط الذي قضى على مؤسس مليشيا الحوثي، حسين بدر، وبمسدسه الشخصي. مع أن هذه الرواية يصعب التحقق منها، إلا أنها ظلت تنتشر يُضاف إليها شيئاً جديداً كل حين، وكلها ـ الروايات الشعبية ـ تضفي الصرامة والهيبة على شخص جواس: وصل إلى الكهف الذي يختبئ فيه حسين، طلب منه حسين أن يسلمه للرئيس، فأخرج مسدسه ووجه له أربع رصاصات: إن وصلت لصالح سيمنحك رتبة وتعود لتقتل اليمنيين، وتقتل الجنود.

في تحقيق استقصائي للجزيرة، قبل فترة، بثت مقطعاً من الحرب الأولى في صعدة، يظهر فيه اللواء الأحمر يتفقد المواقع العسكرية في جبل مران، قادة المواقع تلك، أبرزهم: حميد القشيبي، وثابت جواس، وبعض القادة الآخرين. لعل هذا المقطع هو الذي جعل الانتهازي الكبير منير الماوري يقول بعد استشهاد جواس: لم يتبق من قتلة حسين الحوثي، غير علي محسن!.

ظل القشيبي يواجههم حتى آخر طلقة، واستشهد في عمران، عند ذروة انتفاشة الحوثي بمساعدة من رأس النظام الذي حاربهم لستة حروب وفقد الحكم الذي أراد أن يتخلد فيه، قبل أن يكشف خطأه، وينتفض في وجههم ليختم حياته باستشهاد أمام الجماعة الكهنوتية..

واصل جواس مقارعة المليشيا وقد اقتحمت معظم المحافظات اليمنية، الشجاع لا يرضى بغير الميدان، واجههم وأصيب، يضع الضمادات ويستريح قليلاً ليلوك أوراق القات، ثم يعيد الكرة ليحرر المناطق، ومع ذلك، ظل المولعين بالتصنيف، يحسبونه على محسن، على الشرعية، على الرئيس هادي.

وجد جواس نفسه محاصراً من القريب والعدو، مع كثرة تشكيلات الانتقالي وارتفاع نبرة المشروع المدعوم من الإمارات في تلك المناطق، ومحاصرة الدعم لمحور العند الذي يقوده، لم يجد بدًّا من أن يعلن تأييده للمشروع المدعوم، لكنه لم يستطع أن يزيل نظرة الآخرين عنه: محسوب على الشرعية، وعلى محسن تحديداً. إضافة إلى حسابات مناطقية أخرى تتعلق بين ردفان ويافع..

من أمامه الحوثي، ومن خلفه رفاق منطقته، ومن خلفهم الشرعية.. كلهم تركوه، هذه هي مأساة جواس: كل يحسبه على الآخر، هذا ما يكشفه المشهد الأخير من حياة بطل اليمنيين في الشمال والجنوب: كيف لجواس البطل، الذي قضى على مؤسس مليشيا إيران، أن يمشي بسيارة هايلوكس، يرافقه ابنه وصهره فقط؟ كيف لكم أن تتركوه هكذا وهو قائد محور وقائد لواء، وأبسط ضابط في الانتقالي وغير الانتقالي يمشي بموكب من المسلحين، وكل ما فعله هو البسط على أرضية.. الجميع أسلموا بطلنا للخصم.

رحم الله جواس
ولا نامت أعين الجبناء..