الأقرباء.. يا غيل وادي بناء
![](https://media.almashhad-alyemeni.com/img/20/11/19/228276.jpg)
تسوء الأوضاع هذه الأيام، و معها تتقلب أحوال كثير من الناس، فترى الذي كان ميسوراً أصبح معسراً، و قل أن تجد العكس، ومن كان ميسور الحال وضاقت عليه تجده عفيفاً، لا يعرف حاله إلا القريب الصاحب أو الصاحب القريب.. و مع هذه الأحوال قد تجد أحدهم ميسور الحال و له أقارب فقراء و معسرين، و تراه يوزع صدقاته على الجمعيات أو المساجد أو الشحاتين، و لا يلتفت لأهله و أقاربه، حتى أنه قد يذهب أحدهم ليتصدق بحفر بئر في أدغال أفريقيا و أقرباءه لا يحصلون على شربة الماء إلا بشق الأنفس ..
فلا تكن مثل غيل وادي بناء كما قال المثل يسقي لغير أهله، فالأقربون أولى بالمعروف، الأقربون أولى الناس بك وبصدقتك و بضحكتك و بأخلاقك الحسنة و بكلمتك الطيبة.. ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم''..فهذا الجار فكيف بالقريب، و قريبك إن كان جاراً او يتيماً أو مسكيناً أصبح له أكثر من حق القرابة، و قد بين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الدينار الذي تضعه في أهلك و أقاربك أفضل من الإنفاق في سبيل الله و عتق الرقاب، فالصدقة على البعيد لها أجر و الصدقة على القريب لها أجران..
تصدق على أقربائك فتكن صدقتك صدقة و صلة رحم، و ليست الرحم كما يظن البعض أنها النساء وفقط ،فتجده يصل النساء من الأقارب و يتصدق عليهن بما جاد الله عليه و يخاصم الرجال، وهذا خطأ يقع فيه الكثير، فعمك و خالك و أخوك و ابن عمك وابن خالك من رحمك أيضاً، فلا تترك كل أقاربك رجالهم و النساء..
و نحن نعلم أنه بين الأقارب تزيد الأنفة، و تكثر اعتبارات التقاطع، فقد تجد فقيراً يعادي قريبه الغني ، فيرى البعض ذلك مبرراً لعدم الصدقة عليه، وهذا إمتحان لك لترى هل تستطيع الصدقة بسلامة صدرك قبل مالك حتى على عدوك، ولذلك عندما سألوا الرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقات أيها أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح.. أي ذو الرحم العدو لك الصدقة عليه أفضل الصدقات، لما فيها من تقديم وجه الله على كل الاعتبارات الأخرى، قال تعالى : "وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"..