المشهد اليمني
السبت 27 يوليو 2024 04:58 صـ 21 محرّم 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
”صوت الجماهير يُسمع: صافرات استهجان تلاحق إسرائيل في حفل افتتاح الأولمبياد” صراع قبلي يكاد يمزق نسيج المجتمع في قعطبة.. ثم يأتي الصلح ليلئم الجراح ”أنتم الآن أقرب إلى حرب عالمية ثالثة”.. ”ترامب” يحذر ”نتنياهو” مما سيحدث في الشرق الأوسط إذا خسر في انتخابات الرئاسة الأمريكية ”صوروا كلامي هذا وارسلوه للحوثي، لسنا خائفين منك”... قبيلة أرحب تتحدى الحوثيين (فيديو) ”مقترح غير متوقع: عفو مقابل بناء مستشفى لروح الطفلة حنين البكري” ”ميليشيا الحوثي تثير الفتنة: لافتة طائفية تهدد النسيج الاجتماعي في اليمن” تطور خطير.. الكشف عن رحلة سرية لإحدى طائرات اليمنية من مطار صنعاء إلى العاصمة ”اللبنانية” بيروت ”أين التراث اليمني؟ صحفي رياضي يفجر قضية الزي في حفل افتتاح أولمبياد باريس” ”اختطاف الجندي المدافع عن عدن: رحلة البحث المؤلمة في سجون عدن السرية” سوق السلاح في عدن.. ظاهرة مستمرة تتحدى القرارات وتثير المخاوف قوات الانتقالي الجنوبي تصدر تصريح هام وتتحدث بشأن قضية علي عشال شخصية جنوبية شهيرة تصل صنعاء...وقيادات حوثية ترحب

«اتفاق الرياض» الثورة الثالثة ضد إيران

ما يجمع بين احتجاجات العراق المكررة، واحتجاجات لبنان الجديدة، أنها خرجت للتعبير عن مطالبها متهمة علانيةً الساسة بالفساد، وكلهم تقريباً محسوبون على إيران. إيران القاسم المشترك بين العراق ولبنان. لكن الحقيقة أن الوضع في العراق أكثر تعقيداً وصعوبة، ويمكن ملاحظة هذا الأمر حتى شكلياً من خلال مظاهر الاحتجاجات. في لبنان نشعر أنها احتجاجات سعيدة بالخروج من سجن الصمت والتبعية للطائفة والحزب وحسابات التاريخ القريب. في العراق صراخ المحتجين لا يزال داخل السجن، لذا يعانون من التهديد بالقتل، فالوجود الإيراني في العراق أكثر عمقاً وتجذراً، ومع كل احتجاج هناك مخاطرة بالتعرض للموت أو الإصابة. في لبنان المكوّنان المسيحي والسني وإن لم يكونا مسلحين، وإن بدوا الطرف الأضعف، إلا أن لهما قيمة سياسية وشعبية معتبرة في الشارع. أما في العراق فـ«الحرس الثوري» الإيراني يجتهد لإخماد كل مظاهرة بكل الأساليب الوحشية، وهذا ما يجعل أعداد القتلى ترتفع هناك، فالمحتجون عُرضة للقتل بكل الصور حتى بالدهس من قبل سيارات الشرطة. في العراق يوجد أكثر من «حزب الله»، فصائل مسلحة من العراقيين والإيرانيين، متوغلة في كل مكان، لذلك قوة المحتجين الوحيدة تأتي من ضعف الطرف الإيراني في كبح الشارع، وإلا أصبحوا مثل السوريين الذين بدأوا بمطالبات عفوية سطروها على الجدران وانتهوا بالقتل والتشريد ولعبة في يد القوى الكبرى.
المظاهرات العراقية تنادي بالخدمات وهذه أمرها سهل، ويمكن أن تخدع الحكومةُ الناس بالوعود الإضافية، المشكلة في مكافحة الفساد والفاسدين، وجلُّهم محسوبون على النظام الإيراني. من حسن حظ لبنان أن «حزب الله» ليس في أفضل حالاته، ولو نزل للشارع بأسلحته النارية أو الثقيلة فهو يخاطر بوجوده، لذلك اكتفى أتباع الحزب حتى الآن برشق المتظاهرين بالحجارة، بعد أن كان يحتل بيروت في ساعة بالسلاح من دون أن يسمع همس اعتراض.
أهم ما يميز احتجاجات العراق ولبنان أنها انعتقتا من هيبة رجال الدين، خصوصاً الشيعة. وفي إحراق صور خامنئي في كربلاء دلالة كبيرة على أن لقمة العيش أهم من أي شيء عداها حتى لو كانت العقيدة التي نُشِّئوا عليها.
وإن كانت ضربتان في الرأس توجعان، فإن «اتفاق الرياض» جاء بالضربة الثالثة على طهران، لأنه أنهى حالة التشرذم التي بسطت الأرض للحوثي وأشعرته بأنه في مركز قوة ويستطيع أن يلعب بالنار من خلال التحريض بين المكونات اليمنية.
الرياض جمعت الحكومة الشرعية مع الجنوبيين بكل مكوناتهم، وأهمها المجلس الانتقالي، ولم تتجاهل أي طيف، بما فيهم حزب الإصلاح. لمّ شمل الجنوبيين وإدماجهم في الحكومة مناصفةً ليس فقط لإحقاق الحق والإنصاف، ولكن أيضاً لوضع تصور ليمن المستقبل الذي سيكون من حق كل قبيلة فيه أو جماعة أو حزب المشاركة في إدارته واتخاذ القرار الذي يناسبهم؛ وحدتهم أو استقلالهم. لكنهم اليوم، وفي هذه المرحلة، لديهم مهمة واحدة وهي تحرير اليمن من ذراع إيران. عندما يصبح اليمن لأهله، حراً مستقلاً، يمكن التفاوض على كل التفاصيل والمطالبات، خصوصاً في ظل دول راعية بكل قوتها السياسية مثل السعودية والإمارات. العراق ولبنان درس واضح لليمنيين، كيف يمكن لأطراف وأحزاب متنافسة مسلحة أن تعبث ببلادهم. لذلك جاءت موافقة الحكومة والمجلس الانتقالي على تنظيم العمل الأمني محلياً وتحييد السلاح خصوصاً الثقيل ليكون بيد الدولة وبإشراف قيادة التحالف، كأساس لتنظيم العلاقة بين الأطراف والتثبت من مصداقية كل طرف. التفاصيل الأخرى ستأتي لاحقاً كتوزيع 24 حقيبة وزارية مناصفةً بين الفريقين، والنقاش حول التوزيع خصوصاً الوزارات السيادية، وإن كنت أعتقد أن أمرها قد حُسم. إيران تجد نفسها اليوم مهددة في مناطقها التي تفاخر بأنها تحتلها، وتتكالب عليها المصاعب من كل الجهات، ويعلم الساسة في طهران أن أساس كل ما يحصل هو ضعف إيران الاقتصادي الذي ألحقته بهم العقوبات الأميركية.
والحقيقة التي يجب ألا نغفل عنها اليوم مع توقيع اتفاقية الرياض، أنه رغم كل ما تقدمه السعودية من مساعدات لليمن على كل المستويات، تظل مسؤولية استقرار اليمن بيد أهله، وعليهم حمل هذا العبء. وإن كان علي عبد الله صالح أفسد فكرة الوحدة بالظلم والفساد فعلى اليمنيين أن يعرفوا أن صالح رحل بكل أفكاره وسياساته الفاشلة، وأن الوحدة أولاً وأخيراً في الوطن الواحد هي وحدة القلوب والانتماء أكثر منها جغرافياً.