قصتي العجيبة مع المؤجر ونهاية صبره الاستراتيجي!
لا أخفيكم أنني بالأمس وبعد أن فكرت وقدرت، وبعد طنانة إستراتيجية عميقة قررت أن أتصل بالمؤجر وأصارحه بأنني لن أدفع الإيجار هذا الشهر، وأني لظروف تتعلق بالاقتصاد اليمني واقتصاديات العالم الثالث سوف أتأخر في دفع الإيجار.!
وأني مثل الكثير من دول العالم الثالث أعاني أزمة سيولة حادة، وما عليه إلا الصبر الاستراتيجي.!
المهم اتصلت به فإذا بهاتفه مغلق، وحين كررت الاتصال وما يزال هاتفه مغلقا أو خارج نطاق التغطية أجتاحني شعور عام بالفرحة، وتمنيت من أعماق قلبي أن يظل هاتفه مغلقا حتى يفرجها الله علي، أو يكون قد أصيب بفقدان ذاكرة جزئي فنسي أنني مستأجر لديه، أو أن يكون قد غادر اليمن للسياحة في الأرض، على ألا يعود حتى تنتهي الأزمة المالية الحادة التي تصر على البقاء في بيتنا كمقيمة غير مرغوب فيها.!
لقد قررت المرابطة مع 30 مليون يمني تحت خط الفقر، ومواصلة الصمود والنضال تحت هذا الخط حتى يتفق الساسة باليمن على حلول سياسية واقتصادية، ويبدو أن هذا الاتفاق ما يزال بعيدا، وإن كان البعض يراه قريبا، فكل على قدر قوة نظره للأمور.!
لم تدم سعادتي حيث عاود المؤجر الاتصال بي فنغص علي فرحتي، وأحرجني بكلامه المهذب، وزاد الطين بلة فطالبني بألا أتعب نفسي وأتصل به فهو سيأتي إلي بنفسه، وحينها أسقط في يدي ولم أدر ماذا أقول له؟!
ومشكلتي أنني أخجل أمام الكلام المهذب، وقد ذهبت ذات مرة للوساطة مع أحد الإخوة لكي يخفض له والد العروسة من تكاليف الزواج فكان والد العروسة ألحن بحجته من العريس وألان لي الكلام، وشكا لي الظروف التي يمر بها، وأسهب وأطنب فتعاطفت معه ونسيت أنني جئت لأخفف على العريس وحملته أكثر مما اتفقوا عليه.!
لقد جاء بي لأكحلها فعميتها تماما.!
وقد ندم حينها أنه أخذني معه، وغضب مني غضبة تاريخية، وكاد يلعن اليوم الذي عرفني فيه.!
نعود إلى المؤجر .. فإنه يا سادة يا كرام لما ألان لي القول، وظل يشيد بي ويثني علي أوقعني في فخ لم يخطر لي على بال، وبدلا من مصارحته بأنني من جيز أخوتي الثلاثين مليون يمني من الذين تآمر عليهم القريب والغريب، فجعلوهم يرابطون تحت خط الفقر صرت أعتذر له عن تأخيري في دفع الإيجار وأشكر له صبره علي، وصار هو يهون علي ويؤكد لي بأن الأمر بسيط جدا ولا يستحق حتى مجرد الاعتذار، وأنه سيأتي حالا لأخذ الإيجار بنفسه فأقسمت له أنني أنا من سيأتيه، لأنني أريد استشارته في مشروع كبير، وأنني أخترته دون الناس لأعرض عليه فكرة هذا المشروع الحيوي الهام، وحينها فقط توقف عن القدوم إلي.
وقد أكدت له أنني أضع اللمسات الأخيرة على المشروع وسآتيه به خلال الأيام القادمة، وفي إطار زيارتي التنموية له سآتي له بالإيجار .!
ومنذ أيام وأنا أفكر وأضرب أخماسا في أسداس، وأعصر ذهني وأسأل نفسي:
_ ما هو المشروع الذي سأطرحه على طاولة المباحثات الاقتصادية معه؟!
أما الإيجار فقد نسيته، وأتمنى أن ينساه هو أيضا، وينساني تماما، أو يسافر قبل عقد اللقاء المرتقب بين الجانبين.