الأحد 8 ديسمبر 2024 04:40 صـ 7 جمادى آخر 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

التجنيد القسري للحوثيين : من استغلال الداخل اليمني إلى خدمة المصالح الخارجية

الأربعاء 27 نوفمبر 2024 08:06 صـ 26 جمادى أول 1446 هـ

تشهد اليمن انتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان منذ سيطرة مليشيا الحوثيين على مناطق واسعة من البلاد، حيث أصبحت ظاهرة التجنيد الإجباري والقسري للشباب والأطفال سمة بارزة لانتهاكات الجماعة. وتفاقمت هذه الظاهرة بشكل مقلق في الآونة الأخيرة، خاصة بعد أحداث 7 أكتوبر في قطاع غزة، حيث وظف الحوثيون القضية الفلسطينية كغطاء لتبرير استغلال المزيد من الشباب اليمنيين تحت دعاوى “نصرة الشعب الفلسطيني”. منذ بداية الصراع، عمد الحوثيون إلى إجبار الشباب وحتى الأطفال على الانخراط في صفوف مقاتليهم. ورغم الإدانات الدولية لهذه الممارسات، توسعت الجماعة في تجنيد القاصرين، وفرضت ضغوطًا كبيرة وأساليب مختلفة على الأسر لإرسال أبنائها للجبهات. بعد الهجوم الإسرائيلي على غزة، استغل الحوثيون الموقف لتكثيف عمليات التعبئة العسكرية، حيث زعموا أن انخراط الشباب اليمني في القتال يأتي لدعم “المقاومة الفلسطينية”. تحت هذا الشعار، جرى استهداف المدارس والمساجد والمجتمعات المحلية بحملات دعائية مكثفة، تروج للجهاد وتصور القتال في صفوف الجماعة كواجب ديني ووطني. وبحسب تقارير حقوقية، فقد زادت حالات التجنيد القسري للأطفال بشكل خاص في الأشهر الأخيرة، مما يمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية واتفاقيات حماية حقوق الطفل. في تطور خطير، بدأت تقارير موثوقة تشير إلى أن الحوثيين يلجؤون إلى وسائل أكثر خبثًا لاستغلال اليمنيين عبر عقود عمل وهمية. تُعرض هذه العقود في الغالب على العاطلين عن العمل والفئات المهمشة، حيث يتم إغراؤهم بفرص عمل في روسيا برواتب مغرية، عبر وسطاء محليين وإقليميين. يتم إقناع الشباب بالسفر إلى روسيا من خلال وسطاء يدعون توفير فرص عمل مغرية. إلا أن الواقع يظهر أن هؤلاء المجندين يتم تسليمهم لاحقًا للسلطات الروسية، حيث يُجبرون على الانضمام إلى الجيش الروسي، ويتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية في الحرب الروسية الأوكرانية. هذه العملية تعتمد على شبكات من الوسطاء المحليين الذين يتعاونون مع الجماعة لتوريط الشباب في هذه المؤامرة. يتم خداع الأسر بوعد تحسين أوضاع أبنائهم المالية في ظل الظروف الاقتصادية الكارثية التي يعيشها اليمن، ولكن الواقع يكشف لاحقًا أن هؤلاء الشباب يتم تحويلهم إلى مقاتلين في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. وفقاً لمصادر موثوقة، يتم نقل المجندين عبر قنوات سرية تُديرها الجماعة بالتنسيق مع شبكات إقليمية. بمجرد وصولهم إلى روسيا، يُجبر اليمنيون على الانخراط في المعارك دون أي خيارات تُذكر، حيث يُمارَس عليهم الضغط النفسي والجسدي والتعذيب لضمان مشاركتهم. التقارير تؤكد أن الحوثيين يسعون من خلال هذه العمليات إلى تحقيق مكاسب سياسية ومالية. التعاون مع روسيا قد يهدف إلى تأمين دعم دبلوماسي أو عسكري للجماعة في المحافل الدولية، خاصة وأن روسيا تعد أحد اللاعبين الرئيسيين في الصراع اليمني عبر مجلس الأمن. هذه الممارسات تعمق الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث تفقد العائلات أبناءها في جبهات خارجية لا علاقة لها بالصراع المحلي. كما يؤدي هذا النهج إلى تصعيد موجات الغضب الشعبي ضد الحوثيين، الذين باتوا يستخدمون أساليب متعددة لاستنزاف طاقات المجتمع اليمني. هذه السياسات تسببت في تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن، حيث يعاني الشعب بالفعل من الحرب المستمرة منذ سنوات. تجنيد الأطفال والزج بالشباب في معارك خارجية يزيد من تمزيق النسيج الاجتماعي ويفاقم من معاناة الأسر التي فقدت معيلها أو أبنائها. على الصعيد الحقوقي، تُعتبر ممارسات الحوثيين انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني. تجنيد الأطفال، وخداع الشباب بعقود عمل وهمية، والزج بهم في صراعات خارجية هي جرائم تستوجب المحاسبة. وقد طالبت منظمات حقوقية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة للحد من هذه الممارسات ومحاسبة المسؤولين عنها. على الرغم من الإدانات الدولية المتكررة، لم تشهد أزمة التجنيد القسري من قبل الحوثيين تدخلات حاسمة. ويعد استغلال قضية فلسطين والتحايل بعقود العمل الوهمية تطورًا جديدًا يستدعي تحركًا عاجلًا من المنظمات الحقوقية والجهات الدولية للحد من هذه الانتهاكات. ختاماً مليشيا الحوثيين لم تكتفِ بتجنيد الشباب والأطفال قسرًا داخل اليمن للقتال في صراعات محلية، بل وسعت دائرة استغلالها إلى ما وراء الحدود من خلال إرسال اليمنيين إلى حرب لا تعنيهم في أوكرانيا عبر التحايل والخداع. هذه الممارسات تؤكد أن الجماعة تستخدم كل الوسائل الممكنة لتحقيق مصالحها على حساب الشعب اليمني، وهو ما يتطلب موقفًا دوليًا حاسمًا لوقف هذا الاستغلال الممنهج.