إنهيار اقتصادي وحرب جديدة!
بعد غياب طال أمده لأكثر من ثمان سنوات ، ها هي القضية اليمنية تعود إلى الواجهة ، بعد أن كانت معلقة أو منسية لدى الراعيين لها ، جراء إشتعال حروب جديدة في العالم ، ومن ذلك الحرب الجارية في شبه جزيرة القرم ، بين روسيا ، وأوكرانيا ، وكذا ما يجري لأكثر من عام ، من حرب عنصرية إجرامية ضد الشعب الفلسطيني ، في كل من غزة والضفة الغربية ، من قبل آلة الحرب الصهيونية العدوانية ، والتي لم يقتصر الأمر على ذلك ، بل مدت عدوانها الهمجي السافر ، ليطال الأراضي اللبنانية ، وغيرها .
تبرز القضية اليمنية ثانية وتتصدر ما نشيتات الأخبار ، وشاشات التلفاز بعد أن وضعت على الرفوف ، معلنة عن تشكيل أو تكوين إطار سياسي جديد ، يطلق عليه التكتل الوطني للأحزاب ، والمكونات السياسية في اليمن ، وبرعاية أمريكية .
وبالتالي كنا نتمنى أن يكون مجلس النواب ، هو الجهة الذي يستوجب منه أن يتولى مثل هذه الأمور ، كونه المنتخب شرعياً من قبل الشعب، وليس ذاك الإطار الجديد ، الذي يطلق عليه ، بالتكتل الوطني ، للأحزاب والمكونات السياسية ، والذي تم تشكيله خارج الوطن ، وبرعاية أمريكية.
والسؤال: ما المقصود أو الهدف ، من هذا الإطار السياسي الجديد ، سيما وإن اليمن عانت كثيراً جراء هذه الحرب ، ولا تزال تعاني منها حتى اليوم .
وبالتالي هو ما ترتب عن ذلك ، من تردي الأوضاع المعيشية ، والإقتصادية فيها ، ودون أن تكون هنالك أي معالجات لها ، من قبل من يعينهم الأمر ، ولذلك ظلت الأوضاع على ذاك الحال السيئ، وبصورة كبيرة ، بالرغم من بروز بعض الأصوات التي كانت تطالب ، أو تنادي بإصلاح الأمور ، داخل الوطن ، ولكن دون جدوى ، وهذا ما أدى آنئذ إلى سوء الأحوال عن ما كان عليه ، نتيجة لغياب الحلول الناجعة ، والتي يمكن من خلالها الخروج بهذا الوطن إلى بر الأمان ، ولكن للأسف أمور كهذه، كانت تصطدم بعوامل عديدة ، منها داخلية وأخرى خارجية ، لأن المخرج يريد أن تظل الأوضاع كما هي دون حلحلة لها ، لكي يُحكِم قبضته على اليمن ، وأمر كهذا هو ما أثر على مجمل الحياة بشكل عام ، نتيجة لوجود الضبابية ، وإنعدام الرؤى المستنيرة ، من قبل من يديرون دفة أمور السلطة الشرعية .
فضلاً عن إستبعاد الكوادر المؤهلة ، والتي يمكن الإستفادة منها بحكم عملها ، وبما تمتلكه من خبرات سابقة ، في مؤسسات الدولة ، إنما أمر كهذا لم يعط له الأهمية ، وهو ما أدى عندئذ إلى تصاعد الأوضاع الإقتصادية بشكل أكبر ، بسبب غياب السياسات الإقتصادية المبنية على أسس علمية ممنهجة ومدروسة ، من قبل خبراء إقتصاديين ، وسياسيين ، وحقوقيين ، ومن لهم خبرات في هذا المجال.
وبالتالي هو ما ضاعف من تردي الأوضاع ، وأدى إلى إرتفاع مخيف وغير طبيعي في كافة الأسعار ، ويعود ذلك لإرتفاع وتصاعد سعر الدولار ، والذي وصل مؤخراً ، إلى ٢٠٥٠ ريالا ً ، خلافاً عن العملات الأجنبية الأخرى ، رغم ما يكتب حول الإنهيار الإقتصادي في البلد ، وكذا الفساد المستشري ، في مؤسسات الدولة، والتي أضحت باينة للعيان ، ولكن أموراً كهذه لم تؤخذ بالإعتبار ، لأن وجودها تساعدهم على البقاء في مناصبهم ، ولذلك تظل الأحوال على ذاك النحو دون معالجة لها.
فيما المواطن المسكين ، هو الذي يتجرع مرارة الحياة ، وبصورة يومية ، بينما بلغت أحوال الناس إلى تردي كبير وبشكل لا يطاق ، ولذلك أقول : إن ما يجري في هذا الوطن لهو شيء فظيع ، وغير طبيعي للغاية ، وكأن من يتولون أمر هذا البلد لا يعنيهم من الأمر شيئاً .
إنه على ضوء تلك الأوضاع المأساوية ، التي تعيشها اليمن في الوقت الراهن ، وما ترتب عنها من إنعكاسات سلبية في كافة النواحي ، فقد كان لعدد من الشخصيات السياسية ، من أن تبادر أو تقوم مؤخراً ، إلى إعلان التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية في اليمن وبرعاية أمريكية .
وبالتالي ، نحن نتساءل هنا ، ماذا عن طبيعة هذا التكتل ..؟
وما هي أهدافه ..؟
وإلى ماذا يسعى ..؟
خاصة وأن هذا التكتل تقوده أو على رئاسته شخصيات معروفة ، ولكن في الحال نفسه ، برعاية أمريكية .. فكيف سيكون ذلك ..؟
فبإعتقادي ، بأن ما يخفى هو أعظم ، لإنه لا يعقل بأن يكون هذا التكتل تحت الرعاية الأمريكية ، حتى وإن كانت الإدارة الأمريكية ، هي من تقوم بتمويله ، فضلاً عن دول الخليج ، إنما نستطيع القول : بأن هنالك أموراً تطبخ في السر ، ومن ذلك هو هل يراد من اليمن ، أن تدخل في حرب جديدة ما بين السلطة الشرعية ، والحوثيين ، أم ماذا ..؟
أعتقد بأن هذا ، هو كل ما في الأمر ، وبالتالي أنا أرى ، بأنه ينبغي من أولئك العقلاء ، في داخل هذا البلد ، إن كان هنالك باقي عقلاء ، بأن يضعوا هذا الوطن نصب أعينهم ، وكذا يحاولون قدر الإمكان ، تجنب أي مواجهات ، أو حرب جديدة ، بل أن يبادر الجميع إلى السلام ، لإن هنالك من يريد أن تتحول أراضي اليمن إلى ساحة حرب دائمة ومستمرة ، حتى يتسنى لهم من نهب وسرقة هذا الوطن ، ودون أن يخرج من محنته ومشاكله الراهنة ، وهذا ما تسعى اليه الدوائر الأمريكو صهيو غربية ، وحلفائهم بالمنطقة .
لكي تلفت أنظار العالم ، إلى ما يجري في اليمن ، بدلاً من ما يجري في فلسطين ولبنان ، وما يشن عليهما ، من حرب إبادة جماعية ، وتطهير عرقي ، وعنصري ، ونازي ، وفاشي ، من قبل آلة الحرب الصهيونية ، والأمريكية ، والغربية ، وأتباعهم المنبطحين ، والمطبلين ، والساكتين عن الحقوق المغتصبة ، ناهيك عن المقدسات العربية ، والإسلامية ، والمسيحية ، المنتهكة على أرض فلسطين الطاهرة .