تصعيد حوثي يستهدف التعليم الأهلي في صنعاء وسط موجة استياء واسعة
كثفت مليشيات الحوثي مؤخراً من استهداف قطاع التعليم الأهلي في العاصمة اليمنية صنعاء، في خطوة جديدة ضمن سلسلة إجراءات تهدف إلى زج الطلبة والمعلمين في صفوفها القتالية.
وبحسب مصادر تربوية محلية، فإن المليشيات أجبرت الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية على المشاركة في ما تسميه "تطبيقات عسكرية ميدانية"، ضمن مساعيها المستمرة لتجنيد مقاتلين جدد تحت أجندتها الطائفية.
وأفادت المصادر أن حملات التجنيد التي شنتها المليشيات خلال الأيام القليلة الماضية طالت العديد من المدارس الخاصة في صنعاء، حيث تم إجبار إدارات المدارس على اختيار 15 طالباً و10 معلمين من كل مدرسة للانخراط في دورات تعبوية وعسكرية.
وتتوعد المليشيات المدارس التي ترفض التعاون بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإغلاق وفرض غرامات مالية.
هذا التصعيد الحوثي أثار موجة غضب واسعة في أوساط الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، الذين اتهموا الجماعة بالاستمرار في استغلال مؤسسات التعليم التي سبق أن تعرضت لتدمير وتجريف كبيرين منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة.
واشتكى عدد من أولياء الأمور من أن أطفالهم يتم أخذهم قسراً من فصول الدراسة إلى أماكن مجهولة لتدريبهم على القتال وتلقينهم أفكاراً متطرفة، تمهيداً لإرسالهم إلى الجبهات.
وأدى هذا الاستهداف إلى غياب ملحوظ للطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية بصنعاء، حيث رفض الكثيرون الحضور خشية الخضوع القسري لتلك الدورات القتالية.
وتحدثت المصادر عن قيام بعض أولياء الأمور بمنع أبنائهم من الذهاب إلى المدارس، خصوصاً تلك التي تم استهدافها من قبل الجماعة مؤخراً.
ضغوط حوثية مستمرة على المدارس
وذكرت المصادر أن مليشيات الحوثي أجبرت إدارات مدارس "التواصل"، "منارات"، "النهضة" و"رواد" على إيقاف الدراسة ليوم واحد بحجة عقد اجتماعات معهم.
وخلال تلك الاجتماعات، ألزمت المليشيات المدارس بتوفير ما لا يقل عن 25 طالباً ومعلمًا للمشاركة في "تطبيقات عسكرية ميدانية".
وفي خطوة أخرى، شهدت إحدى ضواحي صنعاء تدريبات عسكرية ختامية لدفعة جديدة تضم أكثر من 250 طالباً ومعلماً جرى اختيارهم من 25 مدرسة في مديرية الحيمة الداخلية بصنعاء.
وأفادت المصادر أن هذه التدريبات تأتي ضمن ما تسميه الجماعة "المرحلة الخامسة من دورات طوفان الأقصى"، حيث يتم إخضاعهم لدورات قتالية وتعبوية مكثفة.
ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها أن هذه الدورات تأتي استجابةً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الذي دعا إلى "مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى".
تدهور التعليم وتفاقم معاناة المعلمين
يتزامن هذا التصعيد الحوثي مع استمرار معاناة المعلمين في مناطق سيطرة الجماعة، حيث يعانون من انقطاع رواتبهم منذ عدة سنوات، إضافة إلى تعرضهم لانتهاكات متواصلة أدت إلى تعطيل العملية التعليمية.
في أواخر أغسطس الماضي، أخضعت المليشيات أكثر من 80 معلمًا في مديرية الصافية بصنعاء لدورات تعبئة وقتال، كما أجبرت المدارس الأهلية في صنعاء على إحياء مناسبات ذات طابع طائفي.
وتتهم تقارير محلية ودولية جماعة الحوثي بتدمير قطاع التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرتها، من خلال نهب رواتب المعلمين، واستهداف المدارس وتفجير بعضها، وتحويل أخرى إلى ثكنات عسكرية.
وترى التقارير أن الجماعة تعمل بشكل ممنهج على إحلال تعليم طائفي بديل يحرض على العنف والكراهية، ويهدف إلى تحشيد الشباب والطلبة إلى ساحات القتال.
يُظهر استهداف مليشيات الحوثي لقطاع التعليم الأهلي في صنعاء استمرار محاولاتها لتجنيد الطلبة والمعلمين في صفوفها، ما يثير قلقاً واسعاً بين أولياء الأمور والمجتمع التربوي.
ووسط تفاقم هذه الانتهاكات، تتزايد المطالبات بوضع حد لهذه الممارسات التي تهدد مستقبل التعليم في البلاد، وتعرّض الأجيال القادمة لخطر الانخراط في صراعات لا نهاية لها.