المشهد اليمني
الجمعة 11 أكتوبر 2024 11:44 صـ 8 ربيع آخر 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل

أأضحك عليه أم أبكيه؟!

44.220.251.236

به إنما نبكي وطناً وصل به الإنسان العزيز والأكاديمي التنويري إلى أن يزحف على مرفقيه أمام عنصر جاهل متشبع بالحقد والكراهية والأمية والتخلف!

هذا كان جزاءً للعسكريين يجازون به في الدورات العسكرية لتقصير ما أو لتعمد إهانة لمزيد من التطويع والتحكم والإذلال!

صدقوني لن يشعر بمأساة هذا الرجل إلا من عاش نفس اللحظة وذات الظروف.

ذات مرة من عام ١٩٩٣، في دورة الصاعقة، كان هناك ضابط أمي من العصيمات قمة في الجهل والحقد، لا يغسل حتى وجهه من أثر النوم وقذى العين؛ أسود الوجه كالح السواد، كان يتعمد هذه الحركات والعقوبات لدورة كاملة قوامها ٣٠٠ جندي؛ كنت أحدهم، وحصلت فيها على الترتيب الأول رغم كل محاربته لنا.

ذات مرة قرح العرق عندي وقلت له من أنت حتى تهيننا بهذا الشكل؟ وهل هذا تعليم أم إذلال وتركيع؟!

هل هذا موجود في العرف العسكري أم لأنك شخص جاهل تتعمد القيام بهذه الأعمال؟، وذهبت أشتكيه إلى قائد المعسكر الذي اعتبر شكوانا له خروجاً وتمرداً على الطاعة العسكرية التي يعتبرونها طاعة عمياء؛ تلك الطاعة التي احتجيت عليها ذات يوم بمحاضرة كاملة داخل المعسكر أرد عليهم بل هي طاعة مبصرة لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، دفعت ثمنها باهظاً، على اعتبار أني محرض على التمرد نظراً لحساسية الزمن والمكان قبل انفجار حرب ٩٤.

كنت يومها الوحيد خريج ثانوية في اللواء، وكان هو يستدعيني عادة لقراءة رسائله أو التوجيهات الصادرة إليه، وكشاب مراهق يومها يشعر بالفخر لكونه الوحيد في اللواء حاصلاً على الثانوية، استفزني من تصرفه كإذلال ويقول: خلي تعليمك ينفعك، فكان مستفزاً إلى حد المواجهة، وكنا نلقبه بالجاهل الأمي.

بتصرفاته تلك، وبعض الضباط الآخرين المتواطئين معه، لم يصف من ال٣٠٠ إلا ١٥٠ فقط.

كل الأصدقاء العسكريين السابقين الذين كانوا معنا يعلمون هذا الأمر الذي دفع في نهاية الأمر إلى (تطفيشي) من العسكرية قبل الفصل النهائي!

الشاهد من هذه السردية هو هذا العقاب لأصحاب الشركة الدوائية اليمنية ومجازاتهم بالزحف على مرافقهم بعد شهر تقريباً أو يزيد على سطوهم على الشركة ونهبها ومعاقبة موظفيها، دون اعتبار لكرامة، أو مراعاة لأخلاق، ليتحكم بهم ويعاقبهم عنصر مسلح جاهل، وكان أن دفع اثنان من منتسبي الشركة حياتهم قهراً وكمداً بذبحات صدرية، لذلك نبكيهم ونتعاطف معهم ولا نسخر منهم ولا نشمت بهم.