لايسيئون للصالح بل يشعرون بالغربة
هم لا يُسيؤن للرئيس الراحل فحسب، ولا يدنِّسون جامع الصالح. إنّهم يشعرون بالغربة في مدينة كلّ ما فيها لا يتصل بهم. متوترون تجاه كلّ شيء ويرغبون بالنقمة حتى من كراسي السلطة التي يقعدون عليها. أسماء الشوارع تُذكرهم بأنّهم طارؤن على العاصمة وتبث الوحشة في صدورهم. شارع الزبيري، ميدان التحرير، ميدان السبعين، دار الرئاسة، كلّ الأسماء والأماكن توقظ اللعنة في نفوسهم الخائفة.
صنعاء أكبر منهم، ولئن امتلكوا قوة خشنة للسطو عليها؛ لكنهم لم يستطيعوا تجاوز ضآلتهم المعنوية أمامها. نجحوا في سرقة الكنز، لكن أرواحهم خائفة مما بين أيديهم، لا يشعرون بأنّ ما يملكونه حقّ لهم. ثراء الحكم لا يكفي ليمنحك طباع الملوك المعنوية، وسعة نفوسهم. ستقعد لتحكم، وحين تخرج للصلاة. سوف تنتابك مشاعر الضغينة من منارات الجامع. ستفقد خشوعك وتستيقظ كل الطباع الدنيئة في نفسك، صفات العبيد، جوهرك الأساسي، قبل أن تمنحك البندقية فسحة للتجول في القصور وفرض سلطانك القهري على الناس.
تحتاج أيّ سلطة حاكمة، لقوة معنوية عالية، ميراث من التقاليد الراسخة، مزيج من النبل والنزوع التلقائي للترفع عن الصغائر؛ كي تنجح في ممارسة هيمنتها. حتى دونما حاجتها لتوصية أفرادها بضرورة التهذيب، فالسلطة تشيع لدى حاشيتها شيء من لياقة الكبار. للسلطة مركزية أخلاقية مهيبة؛ لكن سلطة الجماعة، تكشف عن فقدانها لأي صفات المهابة. تفضح نفسها بعفوية. وتؤكد باستمرار، أنّ الفجوة بين الصورة الخارجية للحاكم وحقيقته الباطنية مهولة. إذ لا يكفي أن تأمر؛ كي تكون جديرا بالعظمة. فكل ما فيك يذكرنا بأن سلطتك منتحلة وأصالتك مزيفة، ويا لها خلاصة مخزية.
الأملحي ليس ناشطًا بغيض الملمح ومنفلت اللسان. هو تعبير محدود عن سلطة كاملة لها نفس الجوهر السافل. سلالة قفزت نحو المقاعد العليا في البلاد وما تزال تحتفظ بعقلها البدائي. عقل جاهز للعبث بأكثر الأمور قداسة والتعامل معها بذهن المهرّج المتحرر من أي مسؤولية أو احترام للذات. ففي النهاية ليس ثمة فارق كبير بين طباع المشاط وهزلية الأملحي. كلاهما تعبيران صادمان، عن واحدة من أكثر فترات التاريخ انحطاطًا. الأملحي عنوان عريض، يقول لنا : السلالة تحكم صنعاء، إنها خطيئتكم الأزلية وعاركم الكبير أيها اليمنيون في كل مكان.
#جامع_الصالح #العبيد_يحكمون_صنعاء