الحوالات المنسية الحكم الشرعي والإجراء القانوني
وضع المال عند الصرافة هو صورة من صور الدين في حقيقته ، وحين يحدد اسم الشخص المحول له هي حوالة منه إلى الصرافة باعتبارها مدينة له .
وحين يستلمها المحول له تبرأ ذمة الصرافة من الدين .
وإخفاء الصرافة للمال هروب من التسديد وبراءة الذمة وجحود في رد الحقوق إلى أهلها سواء إلى المحول له أو ردها للمحول .
وهي قبل تسليمها إلى المحول له شبيه بالوديعة في أحكامها ، وإخفاءها من جحد الوديعة ، وجحد الوديعة معصية وكبيرة في الإسلام ، يستحق الجاحد العقوبة الشرعية .
وحفظ المال من المقاصد الشرعية الضرورية في الإسلام يعرف هذا الخاص والعام .
والحنابلة يعتبرون جحد الوديعة سرقة تقطع يد الجاحد لكونه سارقا لحديث المخزومية التي كانت تجحد المتاع كما في الصحيحين عن عائشة الصديقة فقطع رسول الله يدها .
والجمهور جاحد الوديعة آثم مرتكب كبيرة ويستحق عقوبة تعزيرية لكون الجحد من أكل اموال الناس بالباطل ، ونوع من خيانة الأمانة ، ولا يجوز خيانة الأمانة في الشريعة إجماعا .
ويرجع في تقدير العقوبة التعزيرية عند الجمهور إلى تقدير القاضي الشرعي بما يضمن الردع والزجر عن ارتكاب الفعل المحرم المجرم ، بالحبس لأكثر من خمس سنوات إلى خمسة عشر سنة كما في القانون اليمني لكونها جناية جسيمة .
ولا مانع أن تصل العقوية النعزيرية إلى حكم الحرابة لكون هذا الفعل من الفساد في الأرض ومن الحرب لله ولرسوله ، لأن حقوق الله في الشرع هي مراعاة الحقوق العامة .
ولذا يجب على النيابات العامة باعتبار أنها مسند إليها مراعاة الحقوق العامة للمجتمع أن تراقب محلات الصرافة لمعالجة مشكلة الحوالات المنسية باعتبار هذه القضية قضية عامة والنيابة العامة هي الجهة المخول لها الترافع أمام المحكمة للمطالبة بالحقوق العامة التي منها الحوالات المنسية وحقوق اليتامى وحقوق النساء وحق ميراث النساء في المجتمع اليمني خاصة .
والنيابات مقصرة في ذلك تقصيرا كبيرا لجهلهم بالشريعة ، ولعدم صدور قانون ينظم ذلك ، ولذا عليهم الاعتماد على القانون الشرعي باعتبار أن الشريعة الإسلامية مصدر القانون اليمني وجميع القوانين في الدول الإسلامية .
ويجب على المجلس الرئاسي وجلس القضاء الأعلى إصدار قرارات إدارية لمعالجة الحوالات المنسية ، والإعداد لمسودة مشروع قانون لتنظيم ذلك وفقا لقانون الشرع الإسلامي وتعرض مسود المشروع على مجلس النواب لإقراره في أول انعقاد له .
وعلى المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للقضاء والنيابات ومجلس النواب وهيئات الدولة تحمل المسؤولية في ذلك.
ألا هل بلغت اللهم فاشهد .
والله المستعان .