الشيخ سعد الخثلان يحذر من تقييم المحلات والمطاعم دون تجربة: ”يدخل في شهادة الزور”

كشف الشيخ سعد الخثلان، الأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عن الحكم الشرعي لتقييم المحلات التجارية والمطاعم عبر المواقع الإلكترونية دون تجربة فعلية، مؤكدًا أن مثل هذه الممارسات قد تدخل في نطاق شهادة الزور، والتي حذر منها الإسلام تحذيرًا شديدًا.
جاء ذلك خلال لقاء تلفزيوني مع قناة "المجد"، حيث أوضح الشيخ الخثلان أن التقييمات التي يقدمها الأفراد على المنصات الإلكترونية تُعتبر بمثابة شهادة منهم على جودة أو رداءة المحل أو المطعم. وأضاف: "إذا شهد الشخص وهو لم يجرب المحل أو المطعم، فهذا يدخل في شهادة الزور، وهو أمر محرم شرعًا".
وأكد الشيخ أن التقييمات الوهمية أو غير الصادقة تُعدّ نوعًا من التغرير والخداع للجمهور الذي يعتمد على هذه التقييمات في اتخاذ قراراته. وقال: "هذا الفعل لا يجوز شرعًا، وفيه محاذير كبيرة، لأنه يُضلل الناس ويخدعهم، وقد يؤدي إلى أضرار مادية أو معنوية لمن يتعامل مع هذه المحلات بناءً على تقييمات غير صحيحة".
وتابع الخثلان ناصحًا المسلمين بالتحلي بالصدق والوضوح في جميع تعاملاتهم، مشيرًا إلى أن العاطفة أو المجاملة لا يجب أن تكون دافعًا للتقييم دون أساس حقيقي.
وأضاف: "على المسلم أن يكون صادقًا في شهادته، وإذا أراد أن يقيم محلًا أو مطعمًا، يجب أن يكون تقييمه مبنيًا على تجربة فعلية. أما التقييم دون تجربة لمجرد المجاملة أو لأي سبب آخر، فهذا لا يجوز شرعًا".
وختم الشيخ حديثه بتأكيد أهمية الأمانة والصدق في التعاملات العامة، خاصة في ظل انتشار المنصات الرقمية التي أصبحت مصدرًا رئيسيًا لاتخاذ القرارات اليومية. ودعا الجمهور إلى التحلي بالمسؤولية وعدم المشاركة في أي ممارسات قد تضر بالآخرين أو تخدعهم.
وتأتي هذه التصريحات من الشيخ سعد الخثلان في إطار تنامي ظاهرة التقييمات الوهمية أو المزيفة على المنصات الإلكترونية، والتي أصبحت تشكل تحديًا كبيرًا للمستهلكين وأصحاب الأعمال على حد سواء.
فمع تزايد اعتماد الناس على التقييمات الإلكترونية كمعيار لاختيار المحلات التجارية أو المطاعم، أصبحت بعض الجهات تلجأ إلى طرق غير أخلاقية لتحسين صورتها أو الإضرار بمنافسيها عبر تقييمات مغلوطة.
وأشار الخثلان إلى أن هذه الممارسات لا تُعدّ خداعًا للمستهلكين فحسب، بل هي أيضًا انتهاك للأمانة التي يجب أن يتحلى بها المسلم في كل تعاملاته.
وقال: "الإسلام يحثنا على الصدق والأمانة في الكلام والفعل، والتقييمات الكاذبة تُعدّ خروجًا عن هذه المبادئ الأساسية التي تحكم سلوك المسلم".
كما نبه إلى أن هذه التقييمات الوهمية قد تؤدي إلى انتشار الظلم بين أصحاب المحلات، حيث قد يتضرر بعضهم بسبب تقييمات سلبية غير حقيقية، بينما يربح آخرون من تقييمات إيجابية وهمية.
وأكد أن هذا السلوك يتنافى مع العدل الذي أمر به الإسلام، حيث قال: "لا يجوز للمسلم أن يظلم غيره، سواء بالقول أو الفعل، والتقييمات الكاذبة هي شكل من أشكال الظلم".
من جانب آخر، دعا الشيخ الخثلان أصحاب المنصات الإلكترونية إلى تحمل مسؤولياتهم في مراقبة التقييمات والتأكد من مصداقيتها، مشيرًا إلى أنهم شريكون في هذه المسؤولية الأخلاقية والشرعية.
وقال: "على القائمين على هذه المواقع أن يضعوا آليات تضمن صدقية التقييمات، مثل الربط مع حسابات حقيقية أو طلب إثباتات على زيارة المحل، حتى لا تكون المنصة أداة للخداع أو التضليل".
كما وجه نصيحة للمستهلكين بالتحري والتدقيق قبل الاعتماد على التقييمات الإلكترونية، مؤكدًا أن التجربة الشخصية تظل المعيار الأكثر موثوقية.
وقال: "لا تتعجلوا في الحكم على أي محل أو مطعم بناءً على تقييمات الآخرين، خاصة إذا كانت غير مدعومة بتفاصيل أو تجارب حقيقية".
واختتم حديثه بتذكير المسلمين بضرورة الالتزام بتعاليم الإسلام في كل صغيرة وكبيرة، مؤكدًا أن الصدق والأمانة هما أساس التعاملات الناجحة في الدنيا والآخرة.
وقال: "علينا أن نكون قدوة في أخلاقنا وتعاملاتنا، وأن نحرص على أن تكون شهادتنا لله أولًا وأخيرًا، لا لمجرد المجاملة أو المصالح الشخصية".
يُذكر أن هذه التصريحات تأتي في وقت تشهد فيه السوق الإلكترونية تزايدًا في الاعتماد على التقييمات كأداة رئيسية لاتخاذ القرارات الشرائية، مما يجعل الحاجة إلى ضوابط أخلاقية وشرعية أكثر إلحاحًا لضمان مصداقية هذه التقييمات وحماية حقوق جميع الأطراف.