المشهد اليمني
السبت 12 أكتوبر 2024 03:47 مـ 9 ربيع آخر 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
الحوادث المرورية تحصد أرواح اليمنيين.. ومقتل وإصابة نحو 80 شخصًا خلال أسبوع قنص جندي برصاصة قاتلة أودت بحياته على الفور تظهر كل 80 ألف عام.. حادثة فلكية نادرة في سماء اليمن والسعودية والعالم العربي يمكن رؤيتها بالعين المجردة مقتل محامٍ ووالده إثر خلاف على قطعة أرض وسط اليمن أسود أطلس.. تعرف على التشكيل المتوقع لمباراة المغرب وافريقيا الوسطى ومواعيد المباراة والقنوات الناقلة موقف روسي حاسم بشأن اليمن عقب مباحثات مع الأمم المتحدة عوامل انتكاسة الثورة وضعف النهوض بالجمهورية (2-3) انهيار وشيك للهدنة في اليمن وعودة الحرب بالتزامن مع ضربات إسرائيلية محتملة.. وهذا موقف السعودية والإمارات إحداهن يمنية.. القبض على 3 نساء في السعودية والكشف عن تهمتهن تأسيس قيادة جديدة لحزب الله اللبناني واستعدادات لحرب بريّة طويلة الثورة، الدولة، غياب مشروع الوطن وحضور ‘‘القائد الأوحد’’ ، والكارثة!! (1) جثة شاب تطفو على سطح البحر في حضرموت.. والكشف عن هويته

حينما تنحني الجامعات وتسقط الأقنعة

3.237.15.145

على تلك الأرض الملطخة بتراب الذل، وفي مشهدٍ لا يشبه التاريخ ولا يليق بالإنسانية، رأيناهم يزحفون. زحفوا على بطونهم، لا لأنهم أجبروا، بل لأنهم اختاروا أن يكونوا هكذا. نعم، لا تبرروا لهم، لا تُلقوا أعذارًا واهية باسم الخوف أو التهديد، فقد كان في أعينهم وميضُ حماسةٍ غريب، وكأنهم كانوا يسعون لهذه اللحظة ليعلنوا طواعيةً ولاءهم للطغاة.

أولئك الذين كانوا يومًا يتربعون على منصات الجامعات كحراسٍ للعلم والفكر، لم يزحفوا لأن الرصاص كان مصوبًا إلى رؤوسهم، بل لأنهم تواقون لتقديم فروض الطاعة. هؤلاء لم يكونوا أساتذة جامعة، بل كانوا شظايا من غشٍ وفسادٍ وصلوا به إلى ألقابهم الزائفة. كانوا يعرفون جيدًا كيف يُخدِّرون عقول الطلاب، وكيف ينسجون الأكاذيب حول مبادئ العلم والمعرفة، لكن ها هي الحقيقة تتكشف.

إنهم يفعلون ذلك لأنهم يريدون أن يُورِّثوا هذه المذلة لطلابهم. مشهدهم هذا ليس سوى درسٍ بليغٍ في الخضوع، يُلقّنونه للأجيال القادمة. الجامعات، تلك الحصون التي كانت تُضيء الطريق للعقول، ها هي اليوم تفقد عذريتها، وتتحول إلى مستنقعٍ لثقافة الانحناء. إنهم يغرسون فكرةً قاتلة في عقول الشباب: "هكذا يجب أن تكون، هكذا ينبغي أن تنحني وتزحف لتعيش."

وفي تلك اللحظة، حينما رأيناهم يتهافتون كأنهم شظايا لمرآةٍ مهشمة، أدركنا سرّ الفشل الذي غرقنا فيه لعقود. لم يكن فشلنا مجرد صدفة أو حظٍ عاثر، بل كان نتاج أجيالٍ من الزيف والغش، من أساتذة زيفوا شهاداتهم، وتسلقوا إلى القمة على أكتاف الكذب والخداع. كانوا يخدعوننا طوال الوقت، كانت الجامعات مسرحًا، وكنا نحن الجمهور الساذج الذي يصفق لهذا العرض الوهمي.

الآن، تسقط الأقنعة وتتكشف الحقائق، وما نحن أمامه ليس مشهدًا عابرًا، بل انهيارًا لكامل منظومة القيم. حينما يزحف الأكاديميون طوعًا، نعرف أن الكارثة لا تخص فردًا أو مجموعة، بل هي كارثةٌ تصيب مجتمعًا بأسره، تصيب أجيالًا قادمة ستتعلم من هذا المشهد أن الذل ليس خيارًا، بل هو الطريق الذي سُدّت أمامه كل السبل.

فلا تقولوا إنهم زحفوا مكرهين، بل قولوا الحقيقة: زحفوا لأنهم أرادوا أن يرسّخوا هذا الانحناء في ذاكرة الوطن، لأنهم اختاروا الإهانة طواعيةً ووجدوا فيها راحتهم.

كانت الجامعات يومًا مناراتٍ للمعرفة، ملاذًا للأفكار الحرة، لكن في زمن الخضوع هذا، أصبحت معابد لتقديس الطغيان. ماذا بقي لنا من العلم حين يزحف من كانوا يُفترض بهم أن يحملوا شعلة الفكر؟ لقد ماتت المروءة في أعينهم، وباتت أروقة الجامعات مقابر لكرامة كان يُفترض بها أن تبقى حيّة.

هؤلاء ليسوا أساتذة، بل دمى صنعها الكذب، وعندما سقط القناع، بان الخواء خلفه.