المشهد اليمني
الأربعاء 9 أكتوبر 2024 10:47 صـ 6 ربيع آخر 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
في محاولة لإنقاذ حزب الله.. وزير الخارجية الإيراني يطير إلى السعودية بعد زيارة ثلاث دول انهيار جنوني للريال اليمني أمام العملات الأجنبية ضل طريقه إلى البحر.. صاروخ حوثي يقتل قطيعًا من الغنم شمالي اليمن تطور جديد بشأن الصحفي محمد المياحي المختطف لدى مليشيا الحوثي مليشيا الحوثي تصادر مكتب سفريات في صنعاء بحجة تبعيته لـ‘‘حميد الأحمر’’ رغم تضامن قياداتها معه ضد العقوبات الأمريكية نهاية أستاذ كبير درجات الحرارة المتوقعة في اليمن اليوم الأربعاء مقتل صيدلاني يمني وجميع أفراد أسرته في غارة للطيران الإسرائيلي على حي المزة بسوريا (أسماء) تصريحات مفاجئة لمدير المخابرات الأمريكية يكشف ”سر” التصعيد الإسرائيلى والاغتيالات لقيادات حزب الله ما وراء إحجام إسرائيل على الرد على هجمات الحوثيين رغم تهديدات ”نتنياهو” !! الإعلام العبري ينشر صورة ابرز المدرجين على قائمة الاغتيالات وعلى رأسهم ” عبدالملك الحوثي ” سيؤن: معهد الطبري الطبي يحتفل بتخريج أول دفعة في ثلاثة تخصصات طبية

ذونفْر و أبو رغال إشارات و مفارقات !

44.200.94.150

لم يكن ابو رغال(الأول) قبيلة، و لا حزبا، و لا كان إمارة، و لا دولة ملكية و لا جمهورية، و إنما كان فردا واحدا ؛ و بسبب فعلته السوداء عُدَّ عبر التاريخ العربي- و مايزال- رمزا للخيانة.

تمثلت خيانة أبي رغال عندما توجه أبرهة الحبشي لغزو الكعبة المشرفة ، و تخاذل- يومها- مجتمع الجزيرة العربية القَبَلي عن مواجهة أبرهة و جيشه؛ فيما رضي أبو رغال ذاك أن ينفذ طعنة في ظهر قومه، و أن يكون دليلا للغازي المعتدي.

أبرهة الجديد يمتلك - بلا شك - مخزونا من أبي رغال، و فِيَلته تتربص - اليوم - بالأقصى في انتظار الوقت الأنسب لتكرار محاولة أبرهة (الأول) !

الموقف( الرسمي) من المتربص بالأقصى و غير الأقصى، ضعيف، و مستبعد منه أن يصل- حتى- إلى مستوى ما قاله الموقف الرسمي في الزمن الأول:

لاهُمَّ إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك

لا يغلبن صليبهم و محالهم أبدا محالك

و حتى المزايدون الكبار، تنكشف مواقفهم و تتعرى، فينقلب الشيطان الأكبر إلى صديق، و الموت لأمريكا إلى مجرد شعار لتستر مواقف أبي رغال الجديد ..!!

كان العربي - أيام أبرهة الأول - يستنفره الثأر، و يعلن الحرب من أجل ناقة للقبيلة ..!! و الغريب أن غزو أبرهة للبيت الحرام لم يستفزهم، و لا استنفرهم ؛ لأن الحمية القبليّة تبقى حمية حصرية لا تتجاوز حدود القبيلة، و تذوب و تختفي تماما ؛ إذا تعرض أبناء جلدتها من قبيلة أخرى لظلم و ضيم .

موقف القبائل العربية الأُوَل، لم يُدِنْ يومذاك ذانَفْر (الأول)، لكن موقف بعض ( القبائل العربية) لا يتورع و لا يخجل من أن يدين ذانفر الجديد ؛ لأن حماس رجولته الحرة، تحرج رخاوة الذكورة المنبطحة، و الأقصى يتطلب حماس و جهاد الأحرار ؛ فيما رؤية المنبطح لا يريد أكثر من كرسي أعرج و جرابا من طعام، و جملة من حِمْرة أو بغال لأُبّهة الكرسي ..!!

تقاعست قبائل العرب إبان غزو أبرهة الأول؛ و كأنني بقارئ يقول : ما أشبه الليلة بالبارحة .. !! فربما تغاضت - اليوم - دولة أو دول عن مناصرة شقيقة لهم، و ربما أضاف عليه آخر: الفارق أن القبيلة- قديما - ما كان أحد من بنيها يخرج عن موقفها ؛ و لئن فعل لتَحَامَتْه القبيلة كلها و لنبذته، كما قال طرفة بن العبد:

إلى أن تحامتني العشيرة كلها

و أُفردت إفراد البعير المُعَبّد

غير أن قبائل العرب اليوم تتقاعس أيضا، و يلوم بعضها ذانَفْر لتصديه لجيش أبرهة، لأنه يسبب للبعض المتقاعس وجع الرأس ..!!

دعونا من الاقتراب من عش الدبابير ، و لْنبقَ عند عرب القبائل العربية الأُوَل و مواقفها الغائبة عن مواجهة من جاء يستهدف مأٓثرهم ، و يمرغ كرامتهم، و يعتدي على مفاخرهم ، و وطنهم !

و لكن، قبل ذلك من حق تلك القبائل، و شعوب ذلك المجتمع - علينا اليوم - أن نلتمس لهم بعض الإيجابيات ، و هو أنهم - على الأقل- لم يهرولوا في الانضمام للغازي المعتدي أو مناصرته، أو التطبيع معه..!!

و مع عجز ذلك المجتمع عن المواجهة ، لكنه لم يتدنس بمناصرة الغازي المعتدي، بل إن حساسية المجتمع من الخيانة كانت بارزة بقوة ؛ فقد سجل لنا التاريخ خيانة شخص واحد رضي أن يعمل دليلا للغازي المعتدي، و هو أبو رغال؛ الذي انضم لأبرهة ليدله على الطريق إلى مكة؛ غير أن التعيس هلك في الطريق فصار العرب يرجمون قبره كلما مروا به جزاء خيانته. و ذلك أمر طبيعي في المجتمع السوي أن يرفض كل خؤون.

لكن ، سلالة أبي رغال تكاثرت؛ و بوقاحة أكثر !

يا الله !

و لو كان أبا رغال واحد لاتقيته

و لكنه ألف و ثان و ثالــــــــــــث

و لعل أبا رغال(الأول) لو أنه عاش عصر القبائل ( المتديولة) لكان له ضريح يستقبل أكاليل الورد في المناسبات من علية القوم الزائرين ..!!

المجتمع الطبيعي و الحي يرفض الخيانة ، و غير الطبيعي ؛ بل الطامة، حين يأتي زمن يُمَجَّدُ فيه أبو رغال، و ما هو بأبي رغال واحد؛ و إنما هي صورة تكاثرت، و تعددت، و تناسلت لشخص أبي رغال . و إذا كان أبو رغال الأول فردا واحدا، و بلا سلطة أو مال؛ فإن أبا رغال الجديد يمتلك الشيئ الكثير من ذلك !

لم يطق المجتمع العربي قديما خيانة أبي رغال، فراح يعبر عن سخطه عليه بتلك الطريقة التي تمثلت برمي قبره ؛ أما أبورغال الجديد ، فيُستقبَلون بالأحضان ،و تعلق على صدورهم الأوسمة و النياشين، أو يُقام لأحدهم إذا هلك ضريحا، كما فعلت شيعة إيران مع الغادر أبي لؤلؤة ..!!

ترى لو أن أبا رغال كان لم يمت في الطريق، و عاش، كيف كان سيكون مصيره و قد هلك أبرهة و جيشه؟ و على افتراض أنه عاش؛ هل كان يرضى العربي أن يستقبله في أنديتهم، فضلا عن أن ينشد قصيدة في( سوق عكاظ)، أو يقوم فيهم خطيبا ..!؟

في المقابل كانت هناك صورة مغايرة لصورة أبي رغال، و هو الموقف المشرق الذي سجله زعيم عشيرة يمني اسمه ذونفْر، فقد تصدى لأبرهة مع قومه ؛ لمنعه من التوجه نحو الكعبة المشرفة ، لولا أنها كانت معركة غير متكافئة، و خذله مجتمع القبيلة حينذاك، حيث تقاعست عن نصرته بقية القبائل !

صحيح أن المجتمع العربي حينها خوّن أبا رغال بسبب عمالته للغازي أبرهة، لكنه وقف موقف المتفرج للموقف البطولي المشرف الذي اتخذه ذونفر !

ما أسوأ مواقف المتفرجين ! و ما أسوأ مواقف الصامتين ! و ما أقبح الذين يحاولون تقمص شخصية الرجال فيفشلون، فيتجهون إلى لوم الرجال و أصحاب المواقف؛ فيتناولونهم بالغمز و اللمز و التسفيه؛ تغطية لرخاوتهم و ضعفهم و انبطاحهم ..!!