المشهد اليمني
الإثنين 20 مايو 2024 06:00 صـ 12 ذو القعدة 1445 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه أول فيديو من موقع سقوط طائرة الرئيس الإيراني ووصول فريق الإنقاذ ”شاهد” ماذا سيحدث في إيران في حال تأكد مقتل الرئيس الإيراني.. هذا ما يقوله الدستور لديهم ”كيف أحوالكم مولانا وسيدنا”.. وفد حوثي ينكب يقبل رأس وأكتاف مرجعية إيراني خلال مهمة خبيثة ضد عرب الأحواز ”مقطع فاضح” تحرك عسكري يمني سعودي جديد وإعلان من الرياض (شاهد) قيادي حوثي يسخر من إيران ويتوقع تعرض الرئيس الإيراني (إبراهيم رئيسي) للاختطاف مع مروحيته عاجل: هجوم صاروخي للحوثيين في خليج عدن وإعلان أمريكي بشأنه شيخ الأزهر يعلق على فقدان الرئيس الإيراني احتفالات شعبية في عدة مدن إيرانية بعد فقدان الرئيس الإيراني ووزير خارجيته وآخرين ”شاهد” الديوان الملكي السعودي يعلن نتيجة الفحوص الطبية للملك سلمان: التهاب في الرئة بن دغر يدعو للتحرك بشأن السياسي محمد قحطان.. وبن عديو: استمرار اختطافه جريمة بحق الوطن لم يتم العثور عليه حتى الآن.. أنباء عن سماع دوي انفجار ودخان في موقع حادث مروحية الرئيس الإيراني وتركيا تتدخل

قراءة في رواية بخور عدني


تعدد الأصوات السردية إعلاء لقيمة التعايش كقيمة إنسانية...في رواية بخور عدني لعلي المقري..
من المسلم به، وفيما لا يختلف عليه اثنان أنّ فن الرواية - كواحد من أهم الأجناس النثرية الأدبية - صار يمثل اليوم فصلًا هامًا من فصول الحداثة يتجاوز الكلاسيكي؛ ليس لخصومة متوارثة بين القديم والجديد، بل لكون هذا الفن أكثر قدرة في التعبير عن العالم بوجه آخر، وإكسابه مفاهيمًا ذات دلالات أعمق، وإضافات ذات أهمية تصنع مقاربات للواقع وعلاقة الأنا بالأخر المختلف.
بخور عدني ... لا تحتاج إلى مقدمات؛ فهي تفرض نفسها دون توطئات خارج النسق، فتفاصيلها ....عوالمها ... شخوصها ... أمكنتها ... أزمنتها ... كل ما فيها عابر يجسد الآخر في الآخر، ويزدري الإلغاء، ويعشق فسيفساء التنوع بكل ألوانه الجميلة؛ فالحياة بلون واحد بائسة.
بخور عدني .... بخور عابر ونافذ في نفس الآن، عابر لكل الخلفيات الاثنية والثقافية. فكل ما فيه عدني ونافذ لكل الأمكنة بروائحها القادمة من جمال تنوع ناسها، فـ (مشيل) الهارب من نار الحرب في بلاده مفتقد للهوية والهوى وجدهما في عدن، و(ماما) التي تلاطمتها أمواج الحياة يمنة ويسرة كانت عدن سلواها ونجواها، وشمعة اليهودية عدن منحتها الكثير في الذات والوجدان، عدن مدينة الله التي لا تموت، مدينة عابرة لا تقبل النكوص، مدينة العشق والطرب والجنون، مدينة الإسماعيلي، مدينة العارف، مدينة الشيوعي، روح تقبل كل جميل، مفتوحة على مصراعيها، ليست ذات البرج العالي، ولا نافذة محكمة الإغلاق، ليست مغلقة؛ فبابها المحيط ونافذتها البحر، وإليها تنتمي كل الثقافات، فالصوفي لا تظهر تجلياته إلا فيها، والماركسي لا تكتمل جدليته إلا من خلالها، والموسيقي لا تروق الحانة للناس إن لم تكن عدن أهم وتر يمده بسمفونية الفن والجمال. هكذا "بخور عدني" جعلت من عدن وعدًا ينتظره الجميع. أناس في دربها وحافاتها لا يجيدون سوى الحب.
بخور عدني... مولود روائي بديع اختمرت فيه التجربة الفنية قبل الولادة، واكتملت فيه أيضًا عناصر النضج والإبداع، فها هو يرتقي فوق سطح الاعتبارات المحسوبة مصيبًا التابوهات بمقتل. والإعلاء من قيمة التعايش كقيمة إنسانية عابرة ترجمها الروائي المقري في عدن ، فالناس فيها تلقائيون ... حائرون ... مغامرون ... عابثون ... سكارى ... عشاق ... مفكرون... منظرون...، لكنهم في حقيقة الأمر عابرون وأنقياء. فالأصوات السردية في "بخور عدني" ضليعة في تذويب جليد العلائق، ورفع قيم التعايش والتنوع في مفاعيل الحياة ووجداننا وسلوك الناس، فالمباشرة الواعية أجلت المنولوج بشقيه الداخلي والخارجي مولدة صراعًا في الأضداد تجلى من خلال حوارات الفن والوجود والسياسة والحب في بخور عدني ، والرائحة ليست مجرد رائحة تلتقفها حاسة الشم وحسب، بل غدت موسمًا للرقص، وسلوى للعابرين، رائحة الآخر العابر من هنا بكل مافيه حين فقد اسمه وهويته وجغرافيته وسط البخور العابر في قوافل المحيط والخليج والبحر ، فالشخصيات تظافرت في الإعلاء من تلك القيم وسط صراع دراماتيكي لا يكتمل إلا ببخور المقري العدني، بخور يمتلك ذاتًا ساردة تحكم المشهدية، وتثري الفلاش باك، وتعرف متى توارب ومتى تحشد الاسترجاعات موغلة بالتداعي الحر لحشد كل الرؤى والتصاوير لخلق تجسيد سردي مركز البنى، ومتناثر التفاصيل ، فالمقري سعى بكل جمال ودراية لتشظي البؤر الانفجارية حيث كل بؤرة تخدم قيمة. وتدافع عنها بكل شراسة رغم أن مسألة الدفاع عن القيم ليس من المسائل التي تشغل الكُتاب اليوم.
بخور عدني... جسد سردي متناهي التشابك والعُقد، وروح تسهر على احترام قيم التعايش والحرية واحترام الآخر المختلف.
بخور عدني كانت حلماً وخيارًا للآخر، وحروبًا هاربة، وصراعًا سياسيًا، وجدلًا فكريًا، وأحلامًا لحالمين كثر.
لقد كانت عدن وطنًا لهم بعد أن غدت اليوم دولابًا جهنميًا يطحننا جميعاً في زمن المقت هذا.

عبدالفتاح إسماعيل الخضر
قاص وناقد يمني.