الإثنين 9 ديسمبر 2024 10:01 صـ 8 جمادى آخر 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

رحلات الهدنة من مطار صنعاء ليست للجميع

الإثنين 9 ديسمبر 2024 10:01 صـ 8 جمادى آخر 1446 هـ

رغم الإعلان عن فتح مطار صنعاء في العاصمة اليمنية بواقع رحلتين أسبوعياً، إلا أن السفر من العاصمة لا يزال غير متاح للجميع، في ظل العشوائية والمحسوبية التي تتحكّم بحصول الأشخاص على تذاكر السفر، إضافة إلى الأسعار الرسمية الباهظة، وبيع بطاقات في السوق السوداء، فيما غالبية المحتاجين للسفر هي من المرضى.

ولأول مرة منذ ست سنوات، أقلعت أول رحلة تجارية من مطار صنعاء في 16 مايو/أيار الماضي إلى العاصمة الأردنية عمّان، بناء على اتفاق الهدنة الأممية بين الأطراف اليمنية الذي بدأ في 2 إبريل/نيسان الماضي، لمدة شهرين، وتم تمديده لشهرين إضافيين في آخر يوم من انتهائه.


كما وصلت في الأول من يونيو/حزيران، أول رحلة من مطار القاهرة إلى صنعاء، بعد موافقة السلطات المصرية إثر وساطات أممية ودولية، إذ كانت القاهرة ترفض التعامل مع جوازات السفر التي يصدرها الحوثيون في صنعاء.

ومع ساعات الصباح الأولى في الأول من يونيو، تجمّع عشرات المسافرين في مطار صنعاء بانتظار أول رحلة مباشرة من القاهرة إلى العاصمة اليمنية، وبعضهم توجّه إلى مكتب الطيران اليمني على أمل أن يحصل على تذكرة فورية للسفر. لكنهم بغالبيتهم عادوا إلى منازلهم بخيبة أمل، حتى أولئك الذين من المفترض أنهم حصلوا على تذاكر مسبقة، بسبب عدم اكتمال إجراءات سفرهم.

معوقات أمام سفر اليمنيين من صنعاء

وعلى الرغم من حالة البهجة العامة بعودة الرحلات الجوية إلى مطار صنعاء ولو بشكل جزئي، إلا أن مصاعب ومعوقات كثيرة ما زالت تقف بوجه اليمنيين وحريتهم في التنقل. أبرز تلك المصاعب القيود القانونية في التعامل مع رحلات آتية من مناطق الحوثيين، بالإضافة إلى النفوذ الذي تمارسه الجماعة على أولويات المسافرين، وحالة الفساد المنتشرة في إدارة الشركة اليمنية للطيران، الناقل الوحيد في اليمن.

ويشكو اليمنيون من غياب الشفافية في طبيعة الحصول على تذاكر السفر، فأول رحلة من القاهرة إلى صنعاء تم نشر موعد انطلاقها قبل ساعات قليلة. ووفق وزارة النقل في حكومة الحوثيين غير المعترف بها، "وصل على متن الرحلة من القاهرة 145 راكباً، فيما غادر 78 راكباً فقط". والطائرة من نوع إيرباص A320 وتصل سعتها لنحو 180 راكباً، وهو ما أثار غضب الكثير من اليمنيين الذين ينتظرون بالآلاف للحصول على مقعد للسفر.

وأوضح بيان وزعه موظفو "اليمنية للطيران" في صنعاء، عن رحلة القاهرة التي أقلعت بحمولة ناقصة، أن ذلك "حصل بحسب التعليمات، ونعتذر عن أي إجراء خارج إرادتنا"، مضيفاً أن "إدارة الشركة وافقت على طيران الرحلة بمقاعد شاغرة حتى لا تعرقل الرحلات القادمة". ولم يوضح البيان طبيعة التعليمات ومن أي جهة صدرت.

جابر الحميدي، وهو شاب يمني ينتظر السفر لعلاج والده، قال إنه توجّه إلى "مكتب طيران اليمنية في صنعاء صباح الرحلة المقررة للقاهرة وكانت هناك أعداد كبيرة ممن يريدون السفر من المرضى وكبار السن، وتم إرجاع أغلبهم بحجة عدم وجود مقاعد، فيما بعضهم حصل على تذاكر لكنهم لم يخبروهم بمتطلبات الرحلة من تقارير طبية وأعادوهم".

وأضاف: "تواصلنا مع مكتب طيران اليمنية بشكل يومي للحجز، وفي البداية كانوا يقولون إن الرحلة لم تتم جدولتها، لكن فجأة تم إعلان الرحلة فيما كانت وكالات السفر تقول إنها محجوزة بالكامل، وبعدها غادرت الطائرة بنصف سعتها من المسافرين".

أما نعمان علوان، وهو في العقد السادس من عمره، فأشار إلى أنه يعاني من مرض مزمن في الكبد، "وللأسف مكتب الطيران اليمني عتّم علينا خبر الرحلة إلى القاهرة". وأضاف: "أخبرني الموظفون أن الخيار أمامي أن أسافر إلى عمّان للعلاج، لكن قدراتي المادية لا تسمح لأن التكلفة عالية، أو أسافر عن طريق عدن حيث الرعب والقلق والتوتر، والمرور على أكثر من 100 نقطة أمنية، ناهيك بانتظار فحص كورونا، وتكاليف الإقامة والسفر".

إجراءات معقّدة للرحلات من صنعاء

تقول سلطات الحوثيين في صنعاء إن الأولوية للمرضى في السفر. وأوضح وزير النقل في حكومة الحوثيين عبد الوهاب الدرة، أن "المرضى لهم الأولوية للسفر في الرحلات التجارية والمدنية عبر مطار صنعاء الدولي لتلقي العلاج في الخارج". والسبت الماضي، أعلن عن تشكيل لجنة مشتركة في صنعاء تضم اللجنة الطبية العليا وشركة الخطوط الجوية اليمنية وهيئة الطيران المدني، للتنسيق والترتيب للرحلات التجارية والمدنية عبر مطار صنعاء الدولي.

ووفق ما أفادت به اللجنة الطبية للحوثيين في صنعاء، "فإن عدد الحالات المرضية المسجلة لدى اللجنة يبلغ 35 ألف مريض"، وهؤلاء بحاجة للسفر إلى الخارج من خلال الرحلتين الأسبوعيتين واللتين من المفترض أن تكون إحداهما إلى القاهرة، والأخرى إلى عمّان.

ومن ضمن إجراءات تسيير الرحلات، رفع الجوازات الخاصة بالمسافرين إلى مركز قيادة التحالف في السعودية، وذلك قبل إقلاع الرحلة بـ48 ساعة، وهذا شرط أساسي من أجل إصدار التصريحات للرحلات؛ بالإضافة إلى أن السفر إلى مصر يتطلب من المسافرين تقريراً طبياً، وهذا غير متاح في صنعاء لأنه غير معتمد في مصر ويحتاج وقتاً لإصداره.

وأعلنت الخطوط الجوية اليمنية "تأجيل رحلة صنعاء - القاهرة - صنعاء والتي كانت مقررة الأربعاء 8 يونيو، إلى حين الحصول على التصاريح". ولم يتم الإعلان عن جدولة الرحلات المفترضة من قبل الجهات التي تُصدر التصاريح لها، وفق مصادر الحوثيين الرسمية.

ودعا مدير مطار صنعاء خالد الشايف إلى "الإعلان عن مواعيد رحلات طيران اليمنية من وإلى مطار صنعاء الدولي وجدولتها وانتظامها حتى تتم الاستفادة منها بالشكل الأمثل". وقال في تصريح صحافي: "بعد تمديد الهدنة شهرين إضافيين سيكون عدد الرحلات من مطار صنعاء الدولي إلى القاهرة وعمّان 25 رحلة، منها تسع رحلات لم تنفذ من الهدنة السابقة".

أسعار باهظة للخطوط اليمنية

تستحوذ شركة الخطوط الجوية اليمنية على الرحلات بلا منافس، وتعد أسعارها من الأغلى مقارنة بدول العالم. وما زالت صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون هي المقر الرئيس للشركة اليمنية، على الرغم من أن الرحلات تنطلق من محافظات تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، سواء من مدينة عدن جنوباً، أو سيئون شرقاً.

وتحصل الشركة على إيرادات كبيرة، فيما يستحوذ الحوثيون على إيرادات الهيئة اليمنية العامة للطيران المدني والأرصاد من خلال رسوم عبور الطائرات المدنية في الأجواء اليمنية، وتقدر بنحو 45 مليون دولار أميركي سنوياً، ويتم تحويلها من الطيران الدولي إلى البنك الذي يديره الحوثيون في صنعاء، وفق ما كشفه البرلماني اليمني عبد الرزاق الهجري، في أول جلسة لمجلس النواب في عدن الشهر الماضي.

وقالت المواطنة اليمنية منى السقاف، إنها استطاعت حجز مقعد للسفر من القاهرة إلى صنعاء بـ570 دولاراً للذهاب فقط، مضيفة أن "الأسعار إجمالاً كانت متفاوتة ووصلت إلى 700 دولار في مسار واحد فقط، أي ضعف السعر الرسمي". واعتبرت "أن مكاتب السفر استغلت حاجة الناس للسفر ورفعت الأسعار، ومعظم الذين أرادوا السفر تراجعوا بسبب الأسعار، لتتحوّل التذاكر إلى السوق السوداء".

وقال مسافرون آخرون من صنعاء إلى عمّان أن تكلفة التذكرة بلغت 700 دولار ذهاباً وعودة، بخلاف أسعار السوق السوداء، وهناك فارق بنحو 100 دولار في رحلات صنعاء عن السعر الرسمي في مدينة عدن.

وتبرر الخطوط الجوية اليمنية ارتفاع أسعار التذاكر بارتفاع أسعار المشتقات النفطية وعدم توفرها في صنعاء، بالإضافة إلى مبلغ التأمين المرتفع نتيجة ظروف الحرب، وبالتالي فهي تتحمل أعباء كثيرة، وفق حديث تلفزيوني لمدير مطار صنعاء خالد الشايف.

(العربي الجديد)