المشهد اليمني
السبت 27 يوليو 2024 05:00 صـ 21 محرّم 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
”صوت الجماهير يُسمع: صافرات استهجان تلاحق إسرائيل في حفل افتتاح الأولمبياد” صراع قبلي يكاد يمزق نسيج المجتمع في قعطبة.. ثم يأتي الصلح ليلئم الجراح ”أنتم الآن أقرب إلى حرب عالمية ثالثة”.. ”ترامب” يحذر ”نتنياهو” مما سيحدث في الشرق الأوسط إذا خسر في انتخابات الرئاسة الأمريكية ”صوروا كلامي هذا وارسلوه للحوثي، لسنا خائفين منك”... قبيلة أرحب تتحدى الحوثيين (فيديو) ”مقترح غير متوقع: عفو مقابل بناء مستشفى لروح الطفلة حنين البكري” ”ميليشيا الحوثي تثير الفتنة: لافتة طائفية تهدد النسيج الاجتماعي في اليمن” تطور خطير.. الكشف عن رحلة سرية لإحدى طائرات اليمنية من مطار صنعاء إلى العاصمة ”اللبنانية” بيروت ”أين التراث اليمني؟ صحفي رياضي يفجر قضية الزي في حفل افتتاح أولمبياد باريس” ”اختطاف الجندي المدافع عن عدن: رحلة البحث المؤلمة في سجون عدن السرية” سوق السلاح في عدن.. ظاهرة مستمرة تتحدى القرارات وتثير المخاوف قوات الانتقالي الجنوبي تصدر تصريح هام وتتحدث بشأن قضية علي عشال شخصية جنوبية شهيرة تصل صنعاء...وقيادات حوثية ترحب

3 محافظين ووزيرهم في مجلس الرئاسة: دور أطراف الدولة في استعادة مركزها وتشكيل مستقبلها !

من بين أعضاء مجلس الرئاسة الذي تم اعلانه مؤخرا، ثلاثة أسماء بارزة جاءوا من صلب السلطة المحلية كمحافظين لمحافظات مهمة وهذه ظاهرة نادرة الحدوث في التاريخ السياسي والاداري اليمني.

اللواء عيدروس الزبيدي كان محافظا للعاصمة المؤقتة عدن.

اللواء سلطان العرادة لازال محافظا لمحافظة مأرب.

اللواء الركن فرج البحسني لازال محافظا لمحافظة حضرموت.

رئيس مجلس الرئاسة نفسه اللواء د. رشاد العليمي، كان يوما ليس ببعيد على رأس حهاز الحكم المحلي كوزير للإدارة المحلية نائبا لرئيس مجلس الوزراء، وقبل أن يتعين وزيرا للداخلية كان يعمل مديرا عاما لشرطة محافظة من أهم المحافظات، وهي محافظة تعز، كما أن رسالته الاكاديمية لنيل الدكتوراه كانت دراسة متقدمة للمجتمع وخصوصياته.

بعد حوالي أسبوع فقط من اعلان مجلس القيادة، كان عضو المجلس اللواء البحسني قد عاد إلى حضؤموت ليمارس عمله كمحافظ وبصفته الجديدة: نائب رئيس مجلس القيادة - محافظ محافظة حضرموت.

البروز المتنامي للسلطات المحلية في الفترة الراهنة لاشك أن اهم أسبابه ومبرراته هو انهيار وتداعي مركزية الدولة ومركزها المتمثل بالعاصمة صنعاء اثر اجتياح الحوثي لها في سبتمبر 2014، فالمعلوم في أي حالة إدارية أنه متى ضعف المركز قويت الأطراف وتماسكت أكثر على حسابه أو بموازاته وقد يصبح استقواء الاطراف مشكلة لاحقة تواجهها الدولة ومؤسساتها السيادية بعد تجاوز الانهيار.

لكن ليس هذا هو السبب الوحيد، فبلادنا منذ ما قبل الوحدة في تجربتي الشمال والجنوب تسللت إليها فكرة المركزية بشكل مفرط، وتفاقمت الحالة منذ النصف الاخير لعقد الوحدة، كل شيء أصبح مرتبطا بصنعاء العاصمة، ليس السياسة العامة والخارجية والمؤسسات السيادية فقط، بل توسعت المركزية المعطّلة لتشمل حتى الخدمات والتنمية وحضور الدولة.

في ظل تفاقم هذه الاشكالية ظهرت أعراضها كمشكلة، جاء قانون السلطة المحلية وفكرة المجالس المحلية كمحاولة جادة لتلافي المشكلة، وشهدت البلاد تجربتين انتخابيتين للمجالس المحلية على مستوى المحافظات والمديريات، ثم اعقبتها فكرة انتخاب المحافظين التي تم تجريبها في مايو 2008م.

للأسف، لم تكن هذه التجربتين أكثر من محاولات شكلية لمواجهة أزمة اختلال العلاقة بين مركز الدولة وأطرافها واعترافا بعدم القدرة على تحقيق الشراكة الشعبية الفاعلة في السلطة والادارة والتنمية، اذ تحولت انتخابات المجالس المحلية والمحافظين الى حالة سياسية صارخة تعزز التجاذب والانقسام السياسي والمجتمعي أكثر مما هو حال الشد والجذب الذي يصاحب انتخابات مؤسسة البرلمان التي هي بالأساس مؤسسة سياسية خالصة.

ولأنها لم تكن تجربة مدروسة بمنهجية علمية صحيحة، فقد تم التراجع عن فكرة المحافظ المنتخب في الأشهر الاولى التي تلتها، وعاد الوضع إلى نظام التعيين حتى نسي الناس أن هناك قانون بانتخاب المحافظين.

منذ الانقلاب وسقوط العاصمة صنعاء بيد فلول الإمامة، تغيرت المعادلة بشكل ملحوظ، المغترب ورأس المال المحدود لم يعد يفكر بصنعاء وحدها كمسار إجباري للإقامة والاستثمار والتعليم، كثيرون فكروا او عادوا فعليا نحو محافظاتهم ومديرياتهم وقراهم من المهجر أو من المدينة.

يلحظ الجميع خلال السنوات الثمان الماضية رغم كارثية الحرب وفداحتها أن كل المحافظات اليمنية شهدت قفزات مهولة في التنمية وتحسن مستوى الخدمات التي في غالبيتها العظمى هي مشاريع للقطاع الخاص وليس الرسمي.

مأرب، حضرموت (الوادي والساحل)، المهرة، شبوة، صعدة، إب، تعز (المدينة والحوبان والتربة والمخا) نماذج فقط لمحافظات شهدت منذ الانقلاب انتعاشة مهولة لم تشهدها خلال عقدين سابقين ونصف، وبقي الحال كذلك في صنعاء وعدن، أي ان انتعاش الاطراف لم يكن على حساب المركز.

تقريبا محافظة ومدينة الحديدة هي الوحيدة التي أنهكتها الحرب بشكل مؤلم.

اعادة توزيع العلاقة المتوازنة بين مركز الدولة وأطرافها من أهم التحديات والفرص التي تواجه المجلس الرئاسي الجديد، سواء فيما يتعلق بإدارة معركة استعادة الدولة وحشد الامكانات المجتمعية مادية وبشرية في سبيل تحقيق هذا الهدف، او فيما يتعلق برسم استراتيجية طويلة المدى للتنمية الشاملة وحضور الدولة.

في اجتماعه الاول بمجلس القيادة والحكومة تحدث الرئيس رشاد العليمي عن (مؤتمر للمحافظين)، وقد كان ملحوظا أنه دعا محافظي المحافظات لحضور الجلسة الاولى.

هذه كلها مؤشرات مهمة يجب البناء عليها.

نحن أمام مرحلة فارقة من تاريخ البلاد، لابد أن تؤدي فيها كل المحافظات والمكونات الادارية والاجتماعية دورها الكامل في تقرير مستقبل اليمن وصناعته.

المحافظات المحررة سيكون لها أولويات مهمة خلال المرحلة القادمة من توفير الخدمات وانجاز التنمية وتعزيز حضور الدولة وكذلك استثمار كل مقدراتها المتاحة بما يعزز اسناد المعركة الوطنية وصولا لاستعادة كامل البلاد.

أما المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثي، فالمرحلة القادمة يجب أن يكون هناك سياسة واستراتيجية تمنحها دور اكبر ومساحة أوسع في العمل الوطني، بما فيها العاصمة صنعاء.

غالبية القاعدة السكانية في المحافظات العشر الخاضعة لسطوة الميلشيات، تنتظر عودة الدولة إليها وتبحث عن أي منفذ للخلاص، وهذا يلقي بالمسؤولية على القيادة الجديدة في إيلاء الملف اهتماما أكبر، ابتداء من اعادة النظر في قيادة السلطة المحلية القائمة في تلك المحافظات، واسناد المهمة لأقوى الشخصيات وأكثرها قدرة على مخاطبة المجتمع وتحشيده وتحييده ودعمها بالإمكانات اللازمة، بدلا من الحالة الراهنة التي جعلت من مناصب محافظي المحافظات غير المحررة مجرد ضمان اجتماعي ومجاملات لشخصيات لم يتوفر لها برنامج او رؤية كان بإمكانها لو توفرت اختصار المرحلة الشاقة التي قضاها اليمنيون تحت سطوة الامامة او في مواجهتها.