في مجلس القيادة
في سنوات البؤس اليمنية الأخيرة كان حديث الناس يذهب إلى القول بـ خيانة هادي للوطن وللأمانة وضرورة تجاوز مرحلته.
ليس افراد عاديون بل النخب أيضا وكان حديثها الخاص والعام يطفح بالتخوين. شخصياً كان الأمر يزعجني. لأني أرى أن هادي وإن كان أقل من التحدي الوجودي اليمني فهو خلاصة ثقافة وتكوين وتصورات النخب السياسية في اليمن.
كانت هناك اقتراحات بتجاوز فريق هادي من خلال تشكيل مجلس عسكري ميداني قادر على تغيير موازين القوة. تلك المطالبات لم تحفل بمسألة الشرعية. رغم طيش الدعوات الصادرة عن ضغط اللحظة وصلف الحوثيين واصرارهم على اقتحام المحافظات خصوصا مأرب.
لكنها دعوات تفصح عن ذهنية عامة في اليمن وخاصة في صفوف مناهضي الحوثية. فهم يعرفون ما لا يريدون لكنهم لا يعرفون ما يريدون.
الذهنية هذه تترجمها ردود افعالهم من المتغيرات الأخيرة وتشكيل مجلس قيادي رئاسي في اليمن. ليس في الأمر جديد أن يكون للسعودية اليد الطولى في الشأن اليمني وتطاولت هذه اليد منذ أن طلب الرئيس صالح تدخل السعودية لصياغة مبادرة سياسية في 2011. والاوضاع التي تلت ذلك العام ضاعفت من هشاشة البلاد اقتصاديا وسياسيا وتهافتت القوى المحلية نحو الخارج.
مدهش الآن إعادة الحديث عن شرعية هادي أو شرعية التغيير الحاصل. لأن الجدل الدستوري في هذه اللحظة، لا وربما من العام 2014، هو جدل في غير محله. واهماله مرة واحدة يستدعي اهماله مرات. لاحظوا ان معارضة الحوثي ليست أولا لعدم دستورية ما فعله ولكن لطائفيته وعنصريته وارتباطه بإيران …الخ.
ما حدث في الرياض الآن لا يختلف عما حدث في المبادرة الخليجية ولا يمكن قياسه بغيرها. والشرعية الناتجة عنها هي شرعية انجاز استحقاقات الانتقال وليس تأمين أو اجراء انتخابي.
وتحريض هادي عن التراجع عن تنازله تحت ضغط الموقف عن صلاحيته وسلطته لا يختلف عن سلوك أنصار صالح ابان ثورة 2011. هل كنا قادرين مع صالح على ان نخلق وضعاً أفضل؟ وإلا لماذا قامت ثورة ؟ وهل كنا قادرين مع هادي على ان نخلق حالة أفضل لمواجهة الحوثي ولملمة شتات اليمن؟
هذه اسئلة اللحظة لفهم مشروعية ما حدث.
والتمادي في الوضع السابق سيخلق قوى ميدانية جديدة شرعيتها القوة فقط. ينبغي اغلاق الباب هنا والدفع نحو الوصول إلى انتخابات.