رسالة من صنعاء

بكرت اليوم قلت أشوف الباصات المجانية حق عبده الحوثي.
خرجت مع العيال، مافيش معي عمل، ولا شيء في التحرير، بس قلت قده جالس يسرق رواتبنا ست سنوات على الأقل نستفيد منه مشوار بلاش.
انتظرنا 35 دقيقة بين الشمس لما جاء الباص، الذي عليه اللافتة المجانية.
طلعنا وأشوف الركاب كلهم طلاب وناس ونسوان شكلهم طفارى مساكين.
"الهاشميون" الحوثيون معاهم سيارات بورش ولاندكروزر، ومعاهم بنزين مجاني يصرف لهم بكروت عبر محطات خاصة.
تحرك الباص باتجاه التحرير، وأسمع خطاب عبده الحوثي يهذي وبصوت مرتفع، قلنا باسم الله الرحمن.
فاتحين لنا واحدة من حقه الخطب المطولة، وهو يتحدث عن المؤامرات الأمريكية ضد اليمنيين، وكأن البيت الأبيض والكونجرس، مافيش معهم شغل، جالسين ليل ونهار يشتغلوا على اليمنيين، لمعرفة مكونات "البردقان".
وأنه لولا عبده الحوثي، لكان الآن نصف الشعب اليمني يمشوا في الشوارع بلا سراويل.
ما دريت كيف أفعل؟
إذا صيحت له يوقف على جنب، بيقولوا عادك طلعت ليش البطره، ومافيش معي عذر.
لو قلت لهم نسيت الزلط بالبيت، سيقولوا مافيش حساب، وابني سيصيح: إلا يا بابا أمي طرحت لك 900 ريال، أبو مئة مقطع، في جيبك.
رجعت شليت سماعة التلفون إلى أذني، وفتحت أغاني أيوب طارش، وجلست أسمع "يا صبايا فوق بئر الماء والدنيا غبش".
وصلت التحرير أشوف المتحف الحربي نصف محتوياته مختفية، وخيمة في الطرف توزع ملازم.
شربت قلص شاهي حليب عند "العدني"، ورجعت قلت سأروح بباص عادي، ولو أدفع 500 ريال، ولا يهيننا الحوثي بسماع هذيانه.
وقفت باص عادي، وطلعت أنا والعيال قدام، والسواق جالس يعرعر لـ"المسيرة اللصوصية" من شق وطرف، وأنا مرتاح مفتهن.
ما دريت أن المكلف عملت لي رسالة، اشتري بخمسين قرش بيعة "كراث"، إلا لما نزلت من الباص.