لأول مرة.. شاهد تحقيق يكشف خفايا مهمة عن بُنية وهيكل مليشيا الحوثي من الداخل
كشف تحقيق نشره موقع "المصدر أونلاين"، خفايا مهمة عن بُنية وهيكل مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران من الداخل.
وكشف التحقيق الخفايا الحقيقة للمليشيات الحوثية، وبُنيتها وهرميتها وآليات اتخاذ القرار داخلها، والتنظيم العسكري والجهادي للمليشيات الانقلابية.
كما سلط الضوء على التركيبة والهيكلية الحقيقية للمليشيات الحوثية ومؤسساتها التنظيمية الداخلية؛ وأوضح الهيكل العسكري للمليشيات .
إليكم أبرز ما جاء في التحقيق:
تنظيم جهادي:
الحوثية في الأساس تنظيم عسكري جهادي سري مغلق سواء من ناحية التنظيم أو الآليات، ليست تنظيماً شعبياً يؤمن بالعمل السياسي إلا بالقدر الذي يوفر لها غطاء للتمدد والصراع بلافتات مرحلية تتناسب مع ظروف المعركة التي تخوضها. فمنذ ما قبل الإفصاح المسلح عن الجماعة في العام ٢٠٠٤ في جبال صعدة، كان المؤسس حسين بدرالدين الحوثي قد بدأ في إعداد أتباعه لـما أسماه "الجهاد ومواجهة الطاغوت"، واتجه لتخزين الأسلحة وحفر التحصينات في الجبال وتنظيم طلابه في مجاميع، وبدأ بربط العلاقات والتواصل مع الوجهاء والمشائخ والشخصيات المؤثرة وحثهم على شراء السلاح والاستعداد للمعركة، ويطلب منهم مساندة "المشروع القرآني" الذي يتبناه.
ومنذ اندلعت المواجهات في يونيو ٢٠٠٤ تطورت البنية العسكرية للجماعة، وكانت خلال الحروب الست، بعد مقتل مؤسسها وتسلّم شقيقه عبدالملك القيادة، تخرج المليشيا من كل حرب أكثر خبرة ومِراسا وتنظيماً.
عبدالملك الحوثي:
جيء بـ عبدالملك بدرالدين الحوثي الى قيادة الجماعة في نهاية العام 2005 وتحديداً في بداية الحرب الثالثة، بعد أن تمكن والده من إقصاء المتنافسين على قيادة الجماعة بعد مقتل المؤسس حسين بدرالدين الحوثي وخاصة عبدالله الرزامي ويوسف المداني اللذين قادا الحرب الثانية بينما كان عبدالملك قد فر بعد مقتل شقيقه للاختباء لدى والده في جبال وكهوف مطرة الحصينة.
وعندما ذهب المداني إلى بدر الدين لأخذ مباركته بعد إسهاماته مع مجاميع صغيرة من المقاتلين في جولة الحرب الثانية وتعميده زعيما، تمكّن بدر الدين من الالتفاف على يوسف – المتزوج ابنة المقتول حسين وأحد أكثر تلاميذه ذكاء- وقال الرجل المسن أنه سيتولى القيادة، وسيرسل معه "الولد عبدالملك ممثلا عني في الميدان" وبهذا تمكن من تثبيت نجله عبدالملك، خصوصا أن المرجعية بدرالدين يحظى بشعبية وهالة كبيرتين في أوساط أتباع حسين وتنظيم الشباب المؤمن وأبناء الأسر "الهاشمية" الذين يشكلون العمود الفقري في قوام الجماعة المقاتلة آنذاك.
شيئا فشيئا تمكن عبدالملك الحوثي من الإمساك بزمام الأمور، وما إن انتهت الحرب الثالثة حتى صار أكثر ثقة بقدرته على تسيير شؤون الجماعة، بفعل وصول عناصر إيرانية - لبنانية إلى صعدة لمساعدة الجماعة بعد أن حسمت طهران أمرها بزيادة منسوب دعمها، والاستثمار السخي في الحوثيين في خاصرة السعودية الجنوبية.
تلقّف عبد الملك الحوثي زيادة الدعم الإيراني بترحيب كبير حسَم من خلاله أي تطلعات لدى الأقران والمنافسين، ورأى في المستوى المرتفع للعروض الإيرانية وجوانب الدعم النوعي بالأسلحة والتقنيات والتدريب فرصة استثنائية لنقل الجماعة الى مستوى أكبر من التأثير والإمكانات.
بقي عبدالملك متخفيا عن الأنظار أو نادر الظهور خلال سنوات 2006 و 2008 تحديدا، وساعد هذا الغموض الذي تشكّل حول شخصيته لدى السلطات اليمنية وانتشار أنباء إعلامية كثيرة عن مقتله أو إصابته، وما إذا كان هو القائد الفعلي للجماعة أم مجرد واجهة، على بناء هالة إعلامية كبيرة حوله. عكسَها هو لاحقا الى واقع داخل بنية الجماعة وبدأ بإعادة تشكيل دائرته الخاصة وأهم المواقع من خارج رفاق درب حسين الذين يفوقونه خبرة وأسبقية، ولا يشعر بالسيطرة الكاملة عليهم، وبدأ من خلال مكتبه مخاطبة القادة الميدانيين عبر المكاتيب ومنح الأوسمة والألقاب "للمرابطين في الثغور" ليعزز من معنوياتهم، ويرسل إليهم الخطط لينطلقوا من خلالها، وكان الجموح لدى الأتباع يدفعهم لتقبل هذه المسافة بينهم وبين "القائد" لأنهم يعرفون المخاطر الأمنية، وهذا كان يدفعهم للعمل بجدية اكبر في تنفيذ توجيهاته.
وصار عبدالملك منذ نهاية الحرب السادسة هو القائد الأوحد للجماعة محاطاً بجيل من طبقة "الهاشميين" وبعضهم غير هاشميين لكنهم أشد ولاءا ومأموني الجانب. وفي الوقت الحالي يبدو من غير المعقول أن يفكر ـحد من هاشميي الجماعة في منافسته أو التفكير في الخروج عليه، ولديه مكتب يدير من خلاله كافة شؤون الجماعة وقادتها التنفيذيين.
فبالإضافة إلى المكتب الخاص به، لديه في هيكل الجماعة، كما يصفوه، مكتب السيد القائد "المجلس العام" وهو الجهاز الذي يدير (هياكل الواجهة) المُعلنة سواء في الجانب السياسي أو الجماهيري أو الحكومي أو المناطق الخاضعة جغرافيا لسلطة الجماعة، لكن الجزء الأهم والبنية الصلبة للجماعة تظل مستقلة وبعيدة عن التناول بفضل الغلاف السياسي والشعبي الذي أتقنت الجماعة نسجه طيلة الفترة الماضية.
تطور هياكل الجماعة:
مرت هياكل الجماعة بمراحل رئيسية في تطورها، فالأولى كانت في العام 2010 عندما شعر الحوثي أن جماعته بلغت مرحلة الاستعصاء على الفناء أمام السلطة، وسيطرتها على معظم مناطق صعدة، وامتداد نفوذها ومعاركها منذ الحرب الخامسة خارج صعدة، وتآزر من يسمون أنفسهم بـ"الهاشميين" والتفافهم حول المشروع الذي سيعيدهم إلى الحكم الذي فقدوه في ثورة سبتمبر 1962 عند قيام الجمهورية اليمنية؛ فقام زعيم الجماعة حينها بتوسيع المجلس التنفيذي، وإنشاء نواة المجلس السياسي من مندوبيه في التفاوض مع الدولة ولجان الوساطات، وصار مسمى "أنصار الله" أكثر وضوحاً.
المرحلة الثانية كانت بعدها بعام عندما قامت ثورة فبراير ورأى الحوثيون فيها فرصتهم للتوسع واستغلال هشاشة المرحلة الانتقالية، وبدأوا بتوسيع علاقاتهم مع القوى السياسية، والنخب الشبابية والسياسية المتطلعة لأدوار، والتحم هاشميو صنعاء بهاشميي صعدة بشكل واضح، ونشأت الهياكل الإعلامية والقنوات ودوائر المجلس التنفيذي.
المرحلة الثالثة كانت في نهاية العام 2014 عندما تمكنت الجماعة من اجتياح صنعاء، بفعل كثير من العوامل و"المماحكات" بين القوى السياسية وتحالفات نسجتها مع رجالات النظام السابق.
قبل ذلك كان أبرز قادتها قد تمكنوا من السفر إلى العراق وسوريا ولبنان وايران وتلقوا تدريبات واطلعوا على تجارب؛ فأنشأت الجماعة اللجنة الثورية وفصلت شؤون المحافظات عن التنفيذي وكذلك أنشأت هيئة العمل الحكومي.
ثم كانت المرحلة الأهم في بداية العام 2017 التي تركزت على إعادة هيكلة ما يسمى بـ"المجلس الجهادي"، وقامت بإعادة تشكيل مسرح العمليات وقادته، وعينت قادتها الميدانيين وأزاحت القادة العسكريين المحسوبين على صالح؛ على سبيل المثال عينت الحاكم والمداني وزرعة والمنبهي والمهدي قادة للمناطق العسكرية.
وآخرها كان في العام 2018 عندما تم دمج رئيس الثورية والتنفيذي في مؤسسة العمل الحكومي، وإعادة تشكيل الجانب الأمني كاملا والأجهزة الاستخباراتية.
حرص عبدالملك الحوثي ولا يزال على تشكيل الكيانات والمسميات بهدف استيعاب تطلعات قيادات ونافذي جماعته من الهاشميين تحديدا وجعلهم يتصارعون/يتنافسون فيما بينهم في مستوى معيّن حتى يضمن عدم لجوئهم لخيارات أخرى من شأنها أن تقوّض سلطته، إذ يفضل ان يحضر كحكَم وفصل بينهم في ذروة خلافاتهم، ويلجأ بين كل فترة وأخرى الى تدوير بعض القيادات ونقلهم في مواقع مختلفة لذات الهدف.
كما يحرص الحوثي على عزل كل مجلس أو كيان عن الآخر تماما، ومكتبه هو أداة الربط الوحيدة، ولذلك فكل مجلس أو قيادي يمارس انتهاكات وجرائم من جانبه، وعندما يضج الرأي العام او يواجهون سخطا، يشيع جهاز الجماعة الدعائي بأن "مكتب السيد تدخل".
وهذه التركيبة المعقد للجماعة واقتصار القرار على المجلس الجهادي ودائرة الحوثي الضيقة هو ما يفسر السلوك الغريب لواجهة الجماعة السياسية والتناقض بين خطابها السياسي وسلوكها على الواقع إذ يتقن أولئك الممثلون السياسيون تقمّص أدوارهم ببراعة لكنهم عمليا لا يملكون القرار، إذ أنها تنظيم عسكري أساساً نشأ عنه جناح واجهة سياسية وليس العكس.
للاطلاع على التحقيق بالكامل في الرابط التالي
https://almasdaronline.com/articles/248146