مارب ”مصارع العشاق”

ردحا من الزمن بقيت مارب مجرد صحراء وبداوة وبقية أعمدة وسد وحقول نفط وغاز ومحطة كهربائية ، على الرغم من أهمية المفردات السابقة وأنها جذور لأساسات وقيم جغرافية وتاريخية وسياحية واقتصادية ومصادر نهضة وبناء وسيادة إلا أن حُكم من سبق لم يُبرز مارب بما يليق بها وبماتحمله.
الحرية والعبودية ، المساواة والعنصرية ، الكرامة والذلة ، الجمهورية و الملكية ، الدولة والعصابة ، الجيش الوطني والمليشيا الإرهابية لكل من المتناقضات السابقة عشاق ، برز ذلك العشق على جغرافية مارب المتعددة المظاهر ولقي عشاق كثر مصرعهم عليها مابين شهيد يذود عن دينه وأرضه وعرضه وجمهوريته ومابين هالك طائح قدم نفسه قربانا للسلالة والإمامة وحكم العِصابة.
بونٌ شاسعٌ بين عشق الشهيد الفريق الركن عبدالرب الشدادي والذي عشق الكرامة و الحرية ولم يبال على أي جنب كان مصرعه مادام مؤمنا بقيم العدالة والمساواة والكرامة وبين غِرٍ أحمق بين عشيةٍ وضحاها منحته كهنة السلالة رتبة لواء فهام بها وسكر حد الثماله وإذا به صريعا مجندلا في الكسارة.
حينما ارتقى العميد شعلان البلق ثمت عشق قد نضج بين جنبيه ، فقبَل عشقه للشهادة كان يُجاهر بعشقه لجمهوريته وتتيُمِه بمارب حاضرتها ولم يكن مصرعه شهيدا مجيدا في قمة البلق إلا لأن أبا محمد كان قمةً في البذل والعطاء لدينه ودولته ، ففي اللحظة التي كان فيها ابن شعلان يرتقي لذرى المجد من أعلى قمة في البلق فهناك في اسفله عميدٌ وعاشقٌ من صنف آخر منح هذه الرتبه زورا من طغاة المسيرة ليتسور على مارب بلقها فلم تمنعه رتبته ولا سيدهُ من أن يكون عشقه للأخير سببا في مصرعه مستدبرا الحرية مستقبلا العبودية.
على ثرى الوطن الطاهر عُشاقٌ جمهوريون كُثر يترجمون عشقهم نضالا وتضحية وفداء إلا أن مارب اليوم قِبلة العاشقين ، تعددت فيها مواطن مصارع العشاق كتعددهم وشتان بين عاشقين ، عاشقٌ جمهوري يتغزل بمفاتنها ( الحرية والعدالة والكرامة والمساواة ) ويزهو بالمنية في سبيلها وعاشقٌ آخر للإمامة زينت له الأخيرة قبحها وطغيانها فصار يترنم ( بالذلة والمهانة والعبودية والظلم ) ويزهو بالهلكة في سبيلها ايضا.