صيد من الخاطر
الحديث عن الدولة في الإسلام أو في غيره من الأديان، نوع من التكلف اللامعرفي، لأن الدولة هي الدولة عبر التاريخ، سواء وجدت أديان أو لم توجد، ولا تختلف بحسب اختلاف دين المجتمع وعقيدته.
نسبت الدولة للدين كأن تقول دولة إسلامية أو دولة يهودية أو دولة مسحية ألخ، هي نسبة أيديولوجية لثقافة البيئة، وليست رؤية دينية للدولة، بحيث يمكن القول أن الدين الفلاني يقدم نموذجا محددا للدولة.
الدولة حالة من التطور الاجتماعي الكمي والنوعي، للإنسان عبر التاريخ وليست مقياس ثقافي يفصل على حسب الأديان والثقافات المتعددة.
قد يتعدد شكل الدولة بحسب التجارب التاريخية وتطور الأنظمة ولكن النماذج المتعددة للدولة لا صلة لها بالرؤية الدينية.
والعلاقة بين الدولة والدين هي ذاتها العلاقة بين السلطة والشعب، حيث تجسدها حاجة السلطة السياسية للدين كرؤية أيديولوجية لتسيير الجماهير واقتيادها، وليست الدولة في أساسها من طبيعة الدين، ولا مهمة الأديان بناء الدول، وإنما طبيعة البيئة واستجابتها للخطاب الديني بما يسهل مهمة السلطة السياسية والاجتماعية.
الدين في أساسه رؤية اخلاقية متصلة بين عالمين حسي وميتافيزيقي، مادي ولا مادي، هدفها الأساس التوحيد والسلوك البشري، وليس التطور الكمي والنوعي للبشرية.
أما الحديث عن دولة الدين وكونه كلي وعام وشامل أو ما شابه من التنظيرات الأيديولوجية، فهي مساقات نظرية لا مصاديق لها في الواقع، بدليل أننا كمسلمين لا نستطيع تصنيف أي نموذج سلطوي على أنه نموذج الإسلام، بما في ذلك دولة الخلافة الأولى، فضلا عن الأموية والعباسية والفاطمية ودول الطوائف وغيرها، فهي عبارة عن سلطات سياسية ينتسب أهلها للإسلام بمذاهبه، ولكنها ليست هي الإسلام، كما ليس الإسلام دولة، بل هو دين وحسب.