الجمعة 6 ديسمبر 2024 01:51 مـ 5 جمادى آخر 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

إتش ون إن ون (H1N1) يعاود الظهور في المدن اليمنية وأمانة العاصمة الأولى

السبت 21 ديسمبر 2019 10:38 صـ 24 ربيع آخر 1441 هـ

لا تكاد العاصمة صنعاء تخرج من محنة إلا وتدخل في أخرى، ومثلها معظم المناطق والمدن اليمنية، التي أضحت عرضة لكل أنواع الأوبئة، وهدفا سهلاً للفوضى المنظمة التي تقودها الجماعات والمليشيات المسلحة؛ بعد أن أضحت أمراً واقعاً وتتعامل مع الأطراف الدولية كما لو أنها نظاما راسخا منذ عشرات السنين.

ولعلى ظهور وباء فيروس الخنازير في هذا الظرف، إشارة واضحة إلى الوضع المأساوي الصعب الذي وصلت إليه البلد.

تزايد حالات الوفيات.

عاود الفيروس الظهور في بعض مناطق ومدن اليمن بصورة غير طبيعية، ولأن عدم القدرة على اكتشافه مبكراً وتشخيصه منذ اللحظات الأولى جعل منه أمراً عادياً، غير أن تزايد عدد حالات الوفيات من يوم لآخر هو من يحرك الجهات المعنية في حكومة صنعاء (المليشيا).

وحتى لا تتحمل هذه السلطات المفروضة بحكم الأمر الواقع أي مسؤولية،فإنها تكتفي بالإعلان عن تفشي الوباء، من أجل تحميل الأطراف الإقليمية والدولية المسؤولية الكاملة.

وسواء ذهبت حكومة صنعاء اليوم إلى المبالغة أو التهويل إلا أن الواقع يؤكد خطورة الأمر، بحكم تردي الخدمات إلى أقل المستويات.

تقارير وإحصائيات مخيفة.

قبل عام من الآن تقريبا أظهرت بعض التقارير حجم المأساة، حيث أفادت أن ما يقرب من 16 حالة على الأقل فارقت الحياة من بين 95 كانت مصابة بفيروس الخنازير، أي مع نهاية العام 2018م وبداية العام الجديد 2019م.

يومها قال المتحدث الرسمي لوزارة الصحة في حكومة أنصار الله د. (يوسف الحاضري) لإذاعة "يمن تايمز" المحلية، بأن ما يقارب من 370 حالة يعتقد أنها أصيبت بفيروس الخنازير H1N1 منذ نهاية 2018م حتى منتصف يناير من العام الجاري، وأن ما يقارب من 79 شخصاً فارقوا الحياة.

تاريخ الفيروس.

وللتذكير لم يشكل الفيروس خطراً على بلد كاليمن منذ بداية ظهوره قبل قرن من الزمان، كما هو الحال في 2009م حينها استنفرت السلطات اليمنية في المطارات الجوية والبحرية، لمنع انتقاله إلى الأراضي اليمنية، وتم عقد اجتماع طارئ في العاصمة القطرية "الدوحة" يومها لذات الغرض ولأهميته، بعد أن كان قد اجتاح جزءا من (أمريكا) و(المكسيك) ما شكل رعبا لدى الناس في كل أنحاء العالم.

حينها ظهرت حالات محدودة في اليمن، وتم التعامل معها وفقاً للاحترازات والتعليمات التي قدمتها منظمة الصحة العالمية، إلى جانب توفير العقاقير المضادة للفيروس، وقد تم معالجة العديد من الحالات، فيما فارق بعضها الحياة جراء ضعف الجهاز المناعي، أو التأخر في إسعاف الحالة في الوقت المناسب، وعدم إتباع التعليمات.

أوبئة متعددة.

الحقيقة أن فيروس الخنازير ليس وحده من عاود الانتشار في اليمن في ظل تدني الخدمات وتراجع مستوى النظافة، وغياب الكهرباء، وارتفاع معدل البطالة، وتوقف الأعمال، وانقطاع الرواتب، وضعف الجهاز الإداري للدولة، وتوسع دائرة الفساد المالي والإداري.

فهناك أوبئة كثيرة منها حمى الضنك والدفتاريا والملاريا وانواع عديدة من البكتيريا والإسهالات المائية والأمراض الناتجة عن سوء التغذية.

هذه الفيروسات وغيرها ذهب ضحيتها عشرات المواطنين خلال السنوات الأخيرة، في تعز والحديدة وحجة وبعض مناطق الجنوب، وهو أيضا من الأمراض التي تصيب الجهاز التنفسي وتفقده المناعة الكاملة.

أمانة العاصمة الأولى.

تقول بعض التقارير اليوم أن أمانة العاصمة تحتل المركز الأول بعدد الوفيات بفيروس الخنازير، تليها محافظة "عمران" القريبة منها، ولأننا في فصل الشتاء فإن فيروس الخنازير وبحسب تقارير (منظمة الصحة العالمية)، من الفيروسات التي تنتشر بكثرة مع نهاية الخريف وبداية موسم الشتاء.

أيضا تكمن خطورة الفيروس الذي تم الإفصاح عن انتشاره مع بداية العام الجديد من قبل حكومة صنعاء بعد أن كان قد اختفى مع بداية العام 2010 بالنسبة لليمن، في أنه يصب الجهاز التنفسي، وهو ما يقلل من احتمال النجاة في حال ترك المصاب لوقت طويل دون إسعافه.

ولعل ظهوره في هذا التوقيت بمثابة رسالة واضحة لأطراف الصراع في الداخل، والمعنيين بالشأن اليمني من دول الخليج، والمجتمع الدولي المتمثل بالأمم المتحدة، ومنظمات الصحة العالمية، وبقية المنظمات الإنسانية، بأن هناك كارثة بيئية ليست مقتصرة على فيروس الخنازير وحسب، وإنما أمراض أخرى قد تعيد اليمن إلى ما قبل ثورة 26 سبتمبر، اليمن المثخن بالعزلة، والأمراض، والأوبئة الفتاكة.

دور حكومة الإنقلاب.

قيادة وزارة الصحة في حكومة الإنقلاب الحوثية لم توضح مصدر الفيروس وأسبابه حتى اللحظة، لكنها اكتفت بالتنديد وتحميل المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية المسؤولية، متهمة إياها بأنها لم تستجب لطلباتها المتكررة، وأنها تلقت وعوداً بتقديم المساعدات وإيصال العقاقير والأدوية المطلوبة لكن ذلك لم يحدث.
أيضا تحمل دول التحالف المسؤولية في كل مرة وهو أمر بديهي طالما كان جزء من الصراع، مشيرة إلى أنها تتعمد حصار الشعب اليمني وتجويعه، ومنع الكثير من الأدوية من دخول البلاد، والاستمرار في إغلاق مطار صنعاء.

المليشيا وضايقة المنظمات.

تعددت الشكاوى من قبل المنظمات، والجهات ذات العلاقة من مضايقة الحوثيين لها، ومحاولة رصد تحركاتها واستفزازها، والتدخل في عملها وتوجيهه بما يتوافق مع توجه الجماعة، والتعامل بمزاجية مع القضايا الإنسانية، وإيقاف موظفي الإغاثة ومحاولة اعاقتهم عن الحركة في المناطق والمدن المستهدفة، وهذا ما عقد أيضا من مهمة المنظمات التي غادر معظمها اليمن منذ وقت مبكر بسبب الحرب والمضايقات.

كما تم استهداف الكثير من الناقلات والعاملين، ومخازن الإغاثة التي تم إحراقها مرتين في أقل من ثلاثة أشهر في الحديدة، دون مراعاة للاتفاقيات الدولية ومواثيق الأمم المتحدة، والتحكم بمواد الإغاثة، أضف إلى ذلك اغتيال رئيس بعثة فريق الصليب الأحمر الدولي في تعز "حنا لحود" قبل عامين تقريبا ، بعد تحريض واضح وصريح من قبل جهات متطرفة.

مطار صنعاء وفيروس H1NI.

ويعتبر أنفلونزا الخنازير من الأمراض الحادة التي تصيب الجهاز التنفسي، وهناك أكثر من 6 أنواع ظهرت ما بين 1918م و2009م على مستوى العالم، غير H1N1 هو الأكثر انتشاراً خلال السنوات الأخيرة، وهو فيروس معدي يؤدي إلى الموت إذا لم يتم تدارك المصاب في اللحظات الأولى.

ويعد إغلاق مطار صنعاء الدولي، وتوقف الملاحة الجوية فيه منذ أكثر من عامين جزءاً كبيراً من تفاقم المشكلة، كونه الشريان الأول أمام تنقل المسافرين والحالات الإنسانية الحرجة، ووصول بعض المواد الهامة والأدوية، ليصبح حكراً فقط لاستقبال طائرة المبعوث الأممي وتوديعها، إلى جانب بعض الرحلات الخاصة والمحدودة بجماعة الحوثي والأمم المتحدة.

يأتي كل ذلك في الوقت الذي يحتاج أكثر من 20 مليون إلى إغاثة عاجلة، وتوفير للسلع والخدمات الضرورية، منهم أكثر من 3 ملايين فقط في أمانة العاصمة صنعاء.

موضوعات متعلقة